أوجب على نفسه بموجب وعده أن يجازي الحسنة بعشرة (١) على أن الاشاعرة قد اشتركوا في اطلاق الوجوب على الله تعالى مع المعتزلة حيث قالوا في كتبهم الكلامية : بوجوب إرسال الأنبياء على الله تعالى ، وبوجوب عدم خلق المعجزة على يد الكاذب بطريق جرى العادة ، وبسبيّة القتل الذي يخلق الله عقيبة الموت بذلك الطريق (٢) فإنه لو لم يكن جريان العادة واجبا عليه تعالى لم يكن مفيدا في إثبات شيء ممّا ادّعوه وبنوه على هذه المقدمة ، وتفصيل الكلام في هذا المرام مذكور في بعض رسائلنا ، وسنذكر جملة منه فيما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وأما ما ذكره في الفقرة الخامسة من كون الفرقة النّاجية المفضّلة على سائر فرق الإسلام هم المتّسمون بأهل السّنة والجماعة (٣) فمقتضاه خروج أهل السّنّة عن جملة فرق الإسلام وإلّا لزم تفضيل الشّيء على نفسه ، ولو سلّم الدّخول مع ظهور خروجهم فتفضيل الله تعالى لهم ممنوع واستدلالهم على ذلك بحديث ستفترق (٤) مدفوع ، إذ بعد تسليم ما رووا من تعيينه عليه الصّلاة والسّلام الفرقة الواحدة النّاجية نحو تعيين بقوله : الذين هم على ما أنا عليه وأصحابي (٥) نقول : لا دلالة
__________________
صاحب كتاب جامع البيان في تفسير القرآن المتوفى سنة ٩٠٥ والإيجي نسبة الى ايج وهي من كورة دارابجرد من بلاد فارس. واهل فارس يسمونها ايك كما في المراصد ثم ان هذا السيد بيته بيت الفضل والأدب.
(١) إشارة الى قوله تعالى في سورة الانعام الآية ١٦٠. (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها).
(٢) وممن عبر بالوجوب هو الناصب ابن روزبهان في مسائل الإدراك والتزم بوجوب وجود المعاليل عند وجود عللها حسب العادة وأسندها الى كتيبته الاشعرية كما سيأتي.
(٣) على أن الظاهر من الحديث الذي رواه المولى على المتقى في الكنز كون الشيعة التابعين لعلى والعترة النبوية أهل السنة والجماعة.
(٤) وقد سبق سند هذا الحديث ومدركه ومأخذه.
(٥) كما في مجمع الزوائد (ج ٧ ص ٢٥٩ ط مصر) رواه عن أبي الدرداء وأبى أمامة واصلة بن أصقع وأنس بن مالك.