وما جاء فى مقدمة «أبى عثمان» لكتابه من أنه روى أفعال ابن القوطية على مؤلفه ـ رحمهالله ـ (١).
وإذا قارنا تلمذته على ابن القوطية الذى توفى سنة سبع وستين وثلاثمائة (٢) ، وروايته كتابه عليه ، واستشهاده فى إحدى الغزوات بعد سنة أربعمائة ه ، وقدرته على الجهاد فى هذه الفترة ، أمكننا أن نقول : إن مولده كان فيما حول سنة أربعين وثلاثمائة من الهجرة ؛ لأن هذه البداية تصل بأبى عثمان عند وفاة شيخه إلى سن تسمح بتلمذة ، وتمنح شهرة على الأقران من تلاميذ ابن القوطية ، وتمكن من روايته كتاب شيخه عليه ، وتصحيح تلك الرواية ، وفى نفس الوقت تحتفظ لأبى عثمان بعد سنة أربعمائة ه بقدرة تمكنه من المشاركة فى الجهاد ، وجهاد عالم عامل قوى الإيمان ، يتطوع للجهاد طمعا فى الاستشهاد ، وهو فى الستين من عمره أمر كثير الحدوث.
٣ ـ نشأة السرقسطى
تقف المصادر التى ترجمت لأبى عثمان ، والنصوص التى بين أيدينا عنه ـ كما قلنا ـ قاصرة عن تزويد الباحث بما يمكنه من التعريف بنشأة هذا العالم فى سهولة ، وقصور المصادر لا يعنى العجز ، ولا يعفى الباحث من تتبع الظروف التى أحاطت بتلك الشخصية ، وتحليلها ، والربط بين نتائجها من أجل استنتاج ما يمكن أن يقترب من درجة الحقائق عن تلك الشخصية ، والبيئة العلمية التى عاش فيها أبو عثمان ، والخيوط الرفيعة التى بين أيدينا عن تلمذته ، وكتابه «الأفعال» ، ثم شهادته مجاهدا فى سبيل الله ، يمكن أن تكون منابع نستقى منها بعض معارف هذه النشأة.
__________________
(١) مقدمة أفعال أبى عثمان.
(٢) تاريخ ابن الفرضى ١ ـ ٣٧٠