عصره فى جامعة «قرطبة» ونهل من علومهم ، وأنه اختص من بين هؤلاء العلماء أبا بكر بن القوطية ، فلازمه ، وقرأ عليه ، واحتل مكان الصدارة بين طلبته ، وتخرج عليه فى علوم اللغة ، والنحو ، والتصريف ، كما تتلمذ على كتب مكتبة «قرطبة» التى جمع فيها الخليفة الحكم المستنصر ثروة زاخرة من الكتب فى مختلف فروع العلم والمعرفة ، واتصل بالقرآن وعلومه ، والحديث وشروحه ، تدفعه إلى ذلك روح دينية تمكنت منه ، فصرفته عن الدنيا ، والبحث عن الشهرة فيها ، وحببت إليه الآخرة ، والعمل من أجل الفوز بها.
٤ ـ شيوخ أبى عثمان
نصت المصادر التى ترجمت له على تلمذته لأبى بكر محمد بن عمر بن القوطية.
وكان أبو بكر هذا رأسا فى اللغة والنحو ، حافظا للأخبار وأيام الناس ، فقيها محدثا ، متقنا ، كثير التصانيف ، صاحب عبادة ونسك ، روى عن سعيد بن جابر ، وطاهر بن عبد العزيز وسمع بإشبيلية من محمد بن عبيد الزبيدى ، وبقرطبة من أبى الوليد الأعرج ، مدحه «أبو على القالى» : بأنه أنبل من رأى بقرطبة فى اللغة ، وقد تخرج عليه كثير من علماء الأندلس ، وكان أبو عثمان المعافرى أشهر تلاميذه. توفى ـ رحمهالله ـ يوم الثلاثاء لسبع بقين من ربيع الأول سنة سبع وستين وثلاثمائة ه (١). وروى أبو عثمان فى كتابه عن شيخ من معاصريه هو :
أبو العلاء صاعد بن الحسن بن عيسى الربعى البغدادى اللغوى. صحب الفارسى والخطابى وروى عنهم ، وكان متقدما فى علم اللغة ، وكان أحضر الناس شاهدا ، وأرواهم. لكلمة غريبة. دخل الأندلس سنة ثمانين وثلاثمائة ، وأصبح من متقدمى ندامى المنصور بن أبى عامر ... توفى ـ رحمهالله ـ بصقلية سنة سبع عشرة وأربعمائة ه (٢).
__________________
(١) له ترجمة فى تاريخ علماء الأندلس ١ ـ ٣٧٠ ، ومعجم الأدباء ١٨ ـ ٢٧٢ ، وبغية الوعاه ١ ـ ١٩٨ ، وشذرات الذهب ١٣ ـ ٦٢ ، وطبقات المالكية ٩٩. وغيرها.
(٢) له ترجمة فى وفيات الأعيان ١ ـ ٢٢٩ ، ومعجم الأدباء ١١ ـ ٢٨١ ، ونفح الطيب ٢ ـ ٨٦ ، والمعجب ١٩