وقد نقل «أبو عثمان» عن «أبى العلاء» مصرحا بالرواية عنه فى سبعة أفعال من كتابه هى : أدا ـ أشر ـ أتم ـ أرم ـ ألق ـ هرّ ـ هبص.
ومع من التقى بهم «أبو عثمان سعيد المعافرى» من الشيوخ ، وأخذ عنهم من العلماء يظل «أبو بكر بن القوطية» شيخه الأول ، وصاحب الفضل الأكبر فى إذكاء نبوغه ، وتخريجه عالما فى اللغة ، والتصريف ، والنحو ، وأغلب الظن أن «أبا عثمان» ظل وفيا لشيخه ، ملازما له ، آخذا عنه حتى توفى الشيخ ـ رحمهالله ـ ، وأن أفعال «ابن القوطية» كانت الدافع الأول الذى دفع أبا عثمان» لتأليف أثره الوحيد الباقى بين أيدينا ، والذى كان سببا فى كشف شخصيته ، ونشر أثره.
٥ ـ مذهبه النحوى
إن الحركة اللغوية والنحوية التى عاش «أبو عثمان» فى كنفها ، وتتلمذ على شيوخها وتخرج فيها جاءت ثمرة عدة عوامل ، فى مقدمتها :
رحلة علماء من الأندلس إلى المشرق العربى ، التقوا فيه بالعلماء المشارقة المتقدمين من بصريين وكوفيين ، وتتلمذوا عليهم ، ورووا عنهم ، وتخرجوا على أيديهم ، وعادوا إلى الأندلس يحملون علم البصريين ، وعلم الكوفيين ، وعلم من أخذ عن المدرستين ، وجمع بين المذهبين ، رواية ومؤلفات ، وعلى هذا العلم تخرج النحاة واللغويون فى الأندلس.
وإذا رجعنا إلى كتاب «أبى عثمان» وجدنا أنه روى عن شيوخ المدرستين ، روى عن أبى زيد ، والأصمعى ، وابن دريد ، وأبى حاتم من شيوخ البصريين ، وروى عن ابن الأعرابى ، وابن السكيت ، وأبى عبيد من شيوخ الكوفيين ، وروى عن غير هؤلاء من الفريقين ، وأنه لم يرض لنفسه أن يكون أسير مذهب بعينه ، أو يتعصب لقول ، وإنما يأخذ عن المتقدمين ، ويروى لكثير منهم ، وينتصر للمحسن بعد أن يمحص ما روى عنه ، ويتثبت من أنه الصواب. ولا عجب فى هذا فتلك خطة التآليف فى ذلك العصر الذى نضجت فيه العلوم وتحددت المذاهب.