أن السباحة أسلم من الملاكمة ، وأظن أن العاقل يختار الأسلم. وقول الشاعر :
يرى الجبناء أن الجبن حزم |
|
وتلك خديعة الطبع اللئيم |
ومثل : دريت أن الكبر بغيض إلى النفوس الكبيرة ، ووجدت أن صغائر الأمور محببة إلى النفوس الصغيرة. ومثل : من زعم أن يخدع الناس فهو المخدوع ، ومن حسب أن يدرك غايته بالتمنى فهو مخبول (١).
أما أفعال التحويل فلا تدخل على «أنّ» ومعموليها ، ولا على «أن» والفعل مع فاعله.
(ح) جرى بعض النحاة على تقسيم الأفعال القلبية السابقة أربعة أقسام ، بدلا من اثنين :
فلليقين وحده خمسة : وجد ـ تعلم ، بمعنى : اعلم ـ درى ـ ألفى ـ جعل.
وللرجحان وحده خمسة : جعل ـ حجا ـ عدّ ـ زعم ـ هب ، بمعنى : ظنّ.
وللأمرين والغالب اليقين ، اثنان : رأى ـ علم.
وللأمرين والغالب الرجحان ، ثلاثة : ظنّ ـ خال ـ حسب.
لكن التقسيم الثنائى أنسب ؛ لأنه أدمج القسم الثالث فى الأول ، والرابع فى الثانى ؛ نظرا للغالب عليهما ، وتقليلا للأقسام (٢) ، واكتفاء بالإشارة إلى أن كل فعل قد يستعمل فى معنى آخر غير ما ذكر له ، مع ضرب أمثلة لذلك. فمن أفعال اليقين وألفاظه ما قد يستعمل فى الرجحان ؛ فينصب مفعولين أيضا ، وقد
__________________
(١) فى مثل قولهم : «غبت ، وما حسبتك أن تغيب» تكون الكاف حرفا محضا لمجرد الخطاب ومتصرفا. وليس اسما ضميرا ؛ إذ لو كان ضميرا لكان هو المفعول الأول للفعل «حسب» ومفعوله الثانى هو المصدر المؤول (أن تجىء) ويترتب على هذا أن يكون ذلك المصدر المؤول خبرا عن الكاف ، باعتبار أن أصلهما المبتدأ والخبر ؛ لأن مفعولى «حسب» أصلهما المبتدأ والخبر. وإذا وقع المصدر المؤول هنا خبرا عن الكاف أدى إلى الإخبار بالمعنى عن الجثة. وهو ممنوع عندهم فى أغلب الحالات إذا كان المراد الإخبار من طريق الحقيقة لا من طريق المجاز. أما من طريق المجاز فصحيح ـ كما سبق البيان فى الجزء الأول ص ٢١٧ م ١٩. باب : «الضمير» عند الكلام على «كاف الخطاب».
(٢) راجع الخضرى أول هذا الباب.