مع تعديته إلى مفعوله بحرف الجر : «الباء» ؛ نحو : «دريت بالخبر السارّ. فإن سبقته همزة التعدية نصب بنفسه مفعولا آخر مع المجرور ؛ نحو : قد أدريتك بالخبر السارّ (١). وكذلك إن كان بمعنى : «ختل» (أى : خدع) نحو : دريت الصيد ؛ بمعنى : ختلته وخدعته.
والفعل : «تعلّم» ينصب المفعولين حين يكون جامدا بمعنى : «اعلم». فإن كان مشتقّا بمعنى : «تعلّم» نصب مفعولا به واحدا ؛ مثل : تعلّم فنون الآداب (٢).
والفعل : «ألفى» قد يكون بمعنى : «وجد» و «لقى» فينصب مفعولا به واحدا ؛ نحو : غاب عصفورى ، ثم ألفيته.
ومن أفعال الرجحان ما قد يستعمل فى اليقين ؛ فينصب المفعولين أيضا. وقد يستعمل فى بعض المعانى اللغوية الأخرى ؛ فينصب بنفسه مفعولا واحدا ؛
__________________
(١) فإن وقعت همزة التعدية بعد أداة استفهام ، كما فى قوله تعالى : (الْقارِعَةُ ، مَا الْقارِعَةُ؟) (وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ؟) فقيل إن الفعل فى الآية نصب ثلاثة مفاعيل ؛ أولها : الضمير «الكاف» ، وثانيها وثالثها معا الجملة الاسمية التى بعد الضمير ، فقد سدت مسد المفعولين الأخيرين. وقيل إن الفعل نصب بنفسه مفعولا واحدا هو الضمير ، وإن الجملة سدت مسد المفعول الآخر الذى يتعدى إليه الفعل «أدرى» بحرف الجر : «الباء» فالجملة فى محل نصب بإسقاط حرف الجر ، كما فى قولنا : «فكرت ، أهذا صحيح أم لا؟» وأصله : فكرت ، فى هذا ، أصحيح أم لا ... (راجع الخضرى فى هذا الموضع) وراجع أيضا «ح» من ص ٣٦.
(٢) بين الفعلين فرق فى اللفظ والمعنى والاستعمال ؛ فالفعل الأول : تعلم : بمعنى : «اعلم» فعل أمر جامد ؛ لا ماضى له ، ولا مضارع ، ولا مصدر ، ولا شىء من المشتقات فى الرأى الأقوى (كما أسلفنا فى رقم ٣ من هامش ص ٦). والغالب فى استعماله دخوله على «أنّ» مع معموليها ، أو «أن» والفعل مع فاعله ؛ نحو : تعلم أن احتمال الأذى فى سبيل الله لذة ... فالمصدر المؤول من «أنّ» مع معموليها سد مسد المفعولين. ومعناه مطلوب تحقيقه سريعا ، وتحصيل المراد منه فى المستقبل القريب الذى يشبه الحال ؛ وذلك بالإصغاء للمتكلم ، واستيعاب ما يريده فورا ، وتنفيذ ما يجىء بعد فعل الأمر بغير تمهل. أما الفعل الثانى فلفظه أمر أيضا ، ولكنه غير جامد ، فله ماض هو : «تعلّم» وله مضارع هو : «يتعلّم» وله مصدر ... وباقى المشتقات ... والغالب فى استعماله دخوله مباشرة على مفعوله الصريح. ويجوز دخوله على «أنّ» مع معموليها ، أو : «أن» مع الفعل وفاعله ؛ فيكون المصدر المؤول مفعوله. ومعناه مطلوب تحقيقه وتحصيله فى المستقبل ، ولكن مع تمهل وامتداد ، واتخاذ للوسائل المختلفة. الكفيلة بالوصول.