المسألة ٦١ :
ب ـ الأحكام الأربعة الخاصة بالأفعال القلبية المتصرفة (١).
عرفنا (٢) أن الأفعال القلبية متصرفة ، إلا فعلين ؛ هما : «تعلّم» (٣) بمعنى «اعلم» ، و «هب» بمعنى : «ظنّ» ؛ نحو : تعلم داء الصمت خيرا من داء الكلام. وهب كلامك محمودا ؛ فتخير له أنسب الأوقات.
والفعل القلبىّ المتصرف قد يكون له الماضى ، والمضارع ، والأمر ، والمصدر واسم الفاعل ، واسم المفعول ، وبقية المشتقات المعروفة. لكن الناسخ الذى يعمل فى هذا الباب هو الماضى وما جاء بعده مما صرّحنا باسمه هنا ، دون بقية المشتقات المعروفة (٤) التى اكتفينا بالإشارة الموجزة إليها ، ولم نصرح بأسمائها. وبديه أن النواسخ المتصرفة التى سردنا أسماءها ـ متساوية فى العمل ؛ لا فرق بين ماض وغيره ، ولا بين فعل واسم مما سردناه (٥). أما الناسخ الجامد فيعمل وهو على صورته
__________________
(١) هذا البحث هو الذى سبقت الإشارة إليه فى ص ٢٣ عند بيان ما تنفرد به الأفعال القلبية ...
(٢) فى رقم ١ من هامش ص ٤ وفى رقم ٣ و ١ من هامشى ص ٦ و ٨.
(٣) على الرأى القائل بأنه جامد. وهو الرأى الشائع الذى يحسن الاقتصار عليه (كما سبق فى رقم ٣ من هامش ص ٦ ورقم ٢ من هامش ص ١٨). أما على الرأى القائل بأنه متصرف فيجرى عليه ما يجرى على الأفعال القلبية المتصرفة.
(٤) أوضحنا ـ فى رقم ١ و ٢ من هامش ص ٤ ـ معنى المتصرف وقسميه ، وبيان المشتقات المختلفة ، والعامل منها وغير العامل ، وما يعمل فى غير هذا الباب ولكنه لا يصلح للعمل هنا ، وأسباب ذلك ...
(٥) ومن الأمثلة ، الفعل : «علم» ، وما يتصرف له ؛ نحو : علم العاقل الحياة جهادا ـ يعلم العاقل الحياة جهادا ـ اعلم الحياة جهادا ، فمارسه ـ علم العاقل الحياة جهادا دافع له إلى الصبر والدأب ـ العاقل عالم الحياة جهادا ـ أمعلوم الحياة جهادا. (الحياة : هى المفعول الأول ؛ لكنه صار نائب فاعل لاسم المفعول ، إذ لا بد لاسم المفعول من نائب فاعل حتما. لا فاعل).
وتسوقنا المناسبة إلى بيان أن اسم الفاعل لا بد له من فاعل ـ لا نائب فاعل ـ وقد يكون فاعله اسما ظاهرا ، أو ضميرا. غير أن الضمير لا بد أن يكون للغائب دائما ، ولهذا قالوا فى مثل : أنا صائم ـ أنا مخلص ...
إن فاعله ضمير مستتر تقديره : «هو». على تأويل : أنا رجل صائم ... أنا رجل مخلص ... فالضمير المستتر تقديره : «هو» للغائب ، وعائد على محذوف ؛ ليكون عائدا على الغائب ؛ إذ لا يصح أن يعود إلا عليه. فمن الخطأ إرجاعه إلى متكلم أو مخاطب (راجع الخضرى ج ١ «باب ظن» عند الكلام على بيت ابن مالك : «وخص بالتعليق والإلغاء ..» ـ وستجىء الإشارة لهذا فى باب اسم الفاعل ج ٣ ص ١٩١ م ١٠٢ كما سبق البيان فى ج ١ م ١٩ ص ٢٤٣ من الطبعة الثالثة ، عند الكلام على اختلاف نوع الضمير مع ـ