إلى النهر ، وأريت (١) الغلام الشهب المتساقطة. وهذان المفعولان ليسا فى الأصل مبتدأ وخبرا ؛ إذ لا يصح : الرجل الطريق ـ الغلام الشهب. ولهذا لا يصح تطبيق الأحكام والآثار الخاصة بالأفعال القلبية عليهما. إلا التعليق فجائز ؛ ومنه قوله تعالى : (رَبِّ أَرِنِي)(٢) كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى).
وقد نصت كتب اللغة على أفعال أخرى ـ قلبية وغير قلبية ـ ينصب كل فعل منها بذاته ثلاثة من المفاعيل ، دون وجود همزة التعدية قبله. وأشهر تلك الأفعال خمسة : نبّأ ـ أنبأ ـ حدّث ـ أخبر ـ خبّر ... مثل : نبّأت الطيار الجوّ مناسبا للطيران ـ أنبأت البحّار الميناء مستعدّا ـ حدّثت الصديق الرحلة طيبة ـ أخبرت المريض الراحة لازمة ـ خبّرت البائع الأمانة أنفع له. والكثير فى الأساليب المأثورة أن يكون فيها تلك الأفعال الخمسة مبنية للمجهول ، وأن يقع أول المفاعيل الثلاثة نائب فاعل مرفوعا ، ويبقى الثانى والثالث مفعولين صريحين. ومن الأمثلة قول الشاعر :
نبّئت نعمى على الهجران عاتبة |
|
سقيا ورعيا (٣) لذاك العاتب الزارى |
وقد جاء فى القرآن «نبّأ» ناصبا مفعولا واحدا صريحا ، وسدّ مسدّ المفعولين الآخرين جملة «إن» مع معموليها ، بعد أن علّقت الفعل عنها باللام فى قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ ـ إِذا مُزِّقْتُمْ
__________________
(١) سبقت أحكام خاصة ببعض حالات هذا الفعل عند بنائه للمجهول ، وطريقة إعرابه ـ فى هامش ص ١٦ م ٦٠.
(٢) فالآية تشتمل على فعل الأمر «أر» وهو من «أرى» البصرية التى تنصب مفعولين بشرط وجود همزة التعدية قبلها. و «ياء المتكلم» هى مفعوله الأول. وجملة(كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى) فى محل نصب سدت مسد المفعول الثانى. فى الرأى الراجح. باعتبار «كيف» استفهامية معمولة للفعل : «تحيى» (وقد سبق الكلام على إعراب «كيف» فى ج ١ ص ٣٧٥ م ٣٩ وفى رقم ٣ من هامش ص ١١١).
(٣) فى رقم ٢ من هامش ص ٢١٠ بيان عن كلمتى «سقى ورعى» ، وفى ج ١ م ٣٩ ص ٤٦٨ بيان أكمل.