زيادة وتفصيل :
مسألة أخيرة : عرض بعض (١) النحاة لما سمّاه : «الاشتباه بين الفاعل والمفعول به» وصعوبة التمييز بينهما فى بعض الأساليب. وأن ذلك يكثر حين يكون أحدهما اسما ناقصا (أى : محتاجا لتكملة بعده تبين معناه ؛ كاسم الموصول ، و «ما» الموصوفة ...) والآخر اسما تامّا ؛ أى : لا يحتاج للتكملة. وضرب لذلك مثلا هو : «أعجب الرجل ما كره الأخ». فما الفاعل فى الجملة السابقة؟ أهو كلمة : «الرجل» ، أم كلمة : «ما» التى بعده؟ وما المفعول به فى الحالتين؟
وقد وضع ضابطا مستقلا لإزالة الاشتباه ؛ ملخصه :
(ا) أن نفرض الاسم التام هو الفاعل ؛ فنضع مكانه ضميرا مرفوعا للمتكلم ، ونفرض الاسم الناقص هو المفعول به ، ونضع مكانه اسما ظاهرا ، منصوبا. أىّ اسم ، بشرط أن يكون من جنسه (٢) ؛ (حيوانا مثله إن كان المراد من الاسم الناقص حيوانا ، وغير حيوان إن كان الناقص كذلك) فإن استقام المعنى مع هذا الفرض فالضبط الأول صحيح ، على اعتبار أن الاسم التام هو الفاعل ، وأن الناقص هو المفعول به. وإن لم يستقم المعنى لم يصح الضبط السابق. نقول فى المثال السالف أعجبت الثوب. فالتاء ضمير للفاعل المتكلم ، جاءت بدلا من الاسم التام (الرجل) وكلمة : «الثوب» جاءت بدلا من الاسم الناقص : «ما» وهى من جنسه ، باعتباره من جنس غير حيوانى. وقد ظهر أن المعنى على هذا الفرض غير مستقيم ؛ وهذا ينتهى إلى أن الضبط الذى كان قبله غير صحيح أيضا.
فإن كان المقصود من : «ما» ، إنسانا مثلا ، فوضعنا مكانها فردا من أفراد الإنسان فقلنا : أعجبت محمدا ... ـ صحّ الفرض وصح الضبط الذى كان قبله.
(ب) نفرض الاسم التام : «الرجل» فى المثال السابق هو المفعول به. «وما» هى الفاعل ؛ فنضع مكان المفعول به ضميرا منصوبا للمتكلم ، ونضع
__________________
(١) منهم الأشمونى فى آخر باب الفاعل.
(٢) عاقلا كان الجنس أم غير عاقل.