المسألة ٦٧ :
النائب عن الفاعل (١)
من الدواعى (٢) ما يقتضى حذف الفاعل دون فعله. ويترتب على حذفه أمران محتومان ؛ أحدهما : تغيير يطرأ على فعله (٣) ، والآخر : إقامة نائب عنه يحل محله ، ويجرى عليه كثير من أحكامه التى أسلفناها (٤) ـ ؛ كأن يصير جزءا أساسيّا فى الجملة ؛ لا يمكن الاستغناء عنه ، ويرفع مثله ؛ وكتأخره عن عامله (٥) ، وتأنيث عامله له أحيانا ، وتجرد العامل من علامة تثنية أو جمع ... ؛ وكعدم تعدده ، وكإغناء هذا النائب عن الخبر أحيانا فى مثل : أمزروع الحقلان؟
__________________
(١) يسميه كثير من القدماء : «المفعول الذى لم يسم فاعله». والأول أحسن ؛ لأنه أخصر ، ولأن النائب عن الفاعل قد يكون مفعولا به فى أصله وغير مفعول به ؛ كالمصدر ، والظرف ، والجار مع مجروره ؛ ـ كما سيجىء فى ص ١٠٩ م ٦٨ ـ
هذا ، والذى يحتاج لنائب فاعل شيئان ، أحدهما : «الفعل المبنى للمجهول». وقد يسمى أيضا : «الفعل المبنى للمفعول» ، والتسمية الأولى أحسن. والآخر : «اسم المفعول» ؛ فلا بد لكل منهما من نائب فاعل. ويزاد عليهما المصدر المؤول فى رأى سيجىء فى «ب» من ص ١٠٧ ، أما اسم المفعول ، وأحكامه ، وكل ما يتعلق به ، فله باب خاص مستقل فى الجزء الثالث.
(٢) بعضها لفظى ؛ كالرغبة فى الاختصار فى مثل : لما فاز السباق كوفى. أى : كافأت الحكومة السباق ، مثلا ... وكالمماثلة بين حركات الحروف الأخيرة فى السجع ؛ نحو : من حسن عمله ، عرف فضله. فلو قيل : عرف الناس فضله ، لتغيرت حركة اللام الثانية ، ولم تكن مماثلة للأولى ، وكالضرورة الشعرية ...
وبعضها معنوى ؛ كالجهل به ، وكالخوف منه ، أو عليه ... (ومما يصلح لكل واحد من الثلاثة قولنا : قتل فلان ، من غير ذكر اسم القاتل) وكإبهامه ، أو تعظيمه بعدم ذكر اسمه على الألسنة صيانة له ، أو تحقيره بإهماله ، وكعدم تعلق الغرض بذكره ، حين يكون الغرض المهم هو الفعل. وكشيوعه ومعرفته فى مثل : جبلت النفوس على حب من أحسن إليها ... أى : جبلها الله وخلقها ...
(٣) ولا بد أن يكون فعله غير جامد ، وغير أمر ـ كما سيجىء فى رقم ٨ من ص ١٠٥ ـ
(٤) فى ص ٦٦.
(٥) يرى بعض النحاة أنه يجوز تقديم نائب الفاعل إذا كان شبه جملة ؛ لأن علة منع التقديم ـ وهى خوف التباس الجملة الاسمية بالفعلية ـ غير موجودة هنا ـ (راجع الصبان ج ٣ باب. «أفعل التفضيل» عند قول ابن مالك : «وما به إلى تعجب وصل ...»). ولهذا إشارة فى رقم ٢ من هامش ص ١٠٩.