السادس : استفادة المضاف من المضاف إليه تعريفا أو تخصيصا ؛ بشرط أن تكون الإضافة محضة ؛ فيستفيد الأول من الثانى ، ويبقى الثانى على حاله (١) لم يفقد شيئا بسبب الاستفادة منه.
وإيضاح هذا : أنه ـ فى الإضافة المحضة ـ إذا كان المضاف نكرة : وأضيف إلى معرفة ـ فإنه يكتسب منها التعريف مع بقائها معرفة ؛ كقولهم : كلام المرء عنوان لعقله ، وعقله ثمرة لتجاربه. فالكلمات : (كلام ـ عقل ـ تجارب) ـ هى فى أصلها نكرات ، لا تدل كلمة منها على معيّن ، ثم صارت معرفة بعد إضافتها إلى المعرفة ، واكتسبت منها التعيين الذى يزيل عن كل واحدة منها إبهامها وشيوعها. ومثل كلمة : «يد» المضافة للمعرفة فى قول الشاعر :
الغنى فى يد اللئيم قبيح |
|
قدر قبح الكريم فى الإملاق |
فإن كان المضاف معرفة باقية على التعريف لم يصح ـ فى الأغلب ـ إضافته إلى المعرفة (٢) ؛ لأنه لا يستفيد منها شيئا ، ولهذا السبب لا يصح ـ أيضا ـ إضافة المعرفة الباقية على تعريفها إلى النكرة.
أما إذا كان المضاف نكرة وأضيف إلى نكرة فإنه يكتسب منها ـ مع بقائها على حالها ـ «تخصيصا» يجعله من ناحية التعيين والتحديد فى درجة بين المعرفة والنكرة ؛ فلا يرقى فى تعيين مدلوله إلى درجة المعرفة الخالصة الخالية من الإبهام والشيوع ، ولا ينزل فى الإبهام والشيوع إلى درجة النكرة المحضة الخالية من كل تعيين وتحديد. ومن أمثلته قولهم : (فلان رجل مرءوة ، وكعبة أمل ، وغاية فضل) ... فالكلمات : (رجل ـ كعبة ـ غاية) ... نكرات محضة قبل إضافتها. فلما أضيفت إلى النكرة قلّت أفراد كل مضاف بعد الإضافة؛
__________________
(١) إذا توالت الإضافات ـ نحو : هذا بيت والد محمود ، وقرأت أكثر قصائد ديوان شعر ـ المتنبى ... ، ـ انتقل التعريف أو التخصيص من المضاف إليه الأخير إلى الذى قبله ، فالذى قبله حتى يصل إلى المضاف الأول.
(راجع الصبان ج ١ آخر باب أداة التعريف. وكذا المفصل ج ٦ ص ٣٤).
(٢) قد يصح إضافة العلم بعد تنكيره ، وإزالة علميته ، لداع من الدواعى التى تقتضى إضافته. وفى ج ١ ص ٢٠٤ م ٢٣ بيان هذا وتفصيله.