(٥) إضافة المؤكّد إلى المؤكّد ، وأكثر ما يكون ذلك فى أسماء الزمان المبهمة (أى : التى لا تحدّد ببدء وانتهاء معروفين ؛ مثل كلمة : حين ـ وقت ... ـ زمن ـ أيام ... ونحوها مما سبق الكلام عليه فى الجزء الثانى ، باب : «الظروف») ، نحو : إذا اشتدت وقدة الصيف أسرع الناس إلى سواحل البحار ؛ ليقيموا بها ما وسعهم الأمر ، وحينئذ ينعمون بجو معتدل ، وهواء رطب منعش ... أى : حين إذ يقيمون ... ينعمون ؛ فحذفت الجملة المضارعية الأولى ، وهى المضاف إليه ، وعوّض عنها التنوين. فالمؤكّد هو : «الحين» وهو زمن مبهم. والمؤكّد هو : «إذ» الظرفية المضافة إلى الجملة المضارعية المحذوفة (١). والمراد من لفظ : «الحين» المبهم هو المراد من لفظ : «إذ» المخصصة بالجملة التى أضيفت إليها ، فالظرف الزمنى الثانى مؤكد للأول ؛ لاتفاق معناهما ، والمراد منهما ، مع مجيئه بعده (٢) ...
ويرى بعض النحاة ـ بحق ـ أن مثل هذا يعدّ من إضافة العامّ إلى الخاصّ ، لا المؤكّد إلى المؤكّد ، لتخصيص الظرف الثانى ـ كما قلنا ـ بالجملة التى أعربت مضافا إليه ، وهى الجملة المضارعية التى حذفت وقام مقامها التنوين عوضا عنها ...
ومن النادر أن تكون إضافة المؤكّد إلى المؤكّد فى غير أسماء الزمان المبهمة ؛ كقول الشاعر :
فقلت انجوا عنها نجا الجلد ، إنّه |
|
سيرضيكما منها سنام وغاربه (٣) |
__________________
(١) مع ملاحظه أن الظرف لا يسمى ظرفا ـ اصطلاحا ـ إلا إذا كان منصوبا (لفظا أو محلا) على الظرفية. فإذا صار مضافا إليه ، أو مبتدأ ، أو شيئا آخر غير النصب على الظرفية ، فإنه لا يسمى فى الاصطلاح ولا يعرب ظرفا.
(٢) ومن الأمثلة أيضا البيت الآتى فى صفحة ٥٦ وهو :
أنجب أيام والداه به |
|
إذ نجلاه ؛ فنعم ما نجلا |
وشرح البيت وموضع الشاهد فيه موضحان هناك ...
(٣) قاله أعرابى نزل عنده ضيفان ، فذبح لهما ناقة. فقالا : إنها مهزولة. فقال لهما البيت ... ومعنى : انجوا : اسلخا ... يقال : نجوت الجلد ، بمعنى : سلخته و «السنام» : الجزء المنحنى المرتفع فى ظهر البعير والناقة ، وهو مقر الدهن ، و «الغارب» أعلى الظهر بين السنام والعنق.