أما قياسية تلك الإضافات الملحقة بغير المحضة ، أو عدم قياسيتها ، فكثرة النحاة تقصرها على المسموع ، ولا تبيح فيها القياس. إلا الكوفيين فيبيحون القياس على المسموع ، بشرط اختلاف لفظى المضاف والمضاف إليه ، بحجة أن الوارد من تلك الإضافات كثير كثرة تكفى للقياس عليه ، وأن الحاجة قد تدعو لاستخدام القياس ؛ للانتفاع بفائدة تلك الإضافات المتعددة الأنواع ، فإنها لا تخلو من فائدة معنوية ـ كالإيضاح مع التوكيد ـ ، برغم أن هذه الفائدة المعنوية تختلف ـ نوعا ومقدارا ـ عن الفائدة المعنوية التى للإضافة المحضة (١) ...
ورأى الكوفيين سديد مفيد. وفى الأخذ به هنا تيسير محمود تتطلبه حياة الناس كما طلبته قديما. لكن من المستحسن ـ وبخاصة القسم الثانى ـ أن نأخذ به فى أضيق الحدود ؛ حين تشتد إليه الحاجة ، وتقوم قرينة على بيان المراد منه ، بحيث لا يشوبه لبس أو غموض.
وقد صرح بعض كبار النحاة باستحسان الرأى الكوفى ، ففى شرح شواهد العينى للبيت المرقوم (٤٤٨) وهو الذى سبق هنا فى الإضافة الخامسة (ص ٤٥) وصدره (فقلت : انجوا عنها نجا الجلد إنه ...) ما نصه :
(الشاهد فى : «نجا الجلد» حيث أضاف المؤكّد إلى المؤكّد ؛ لأن «النجا» ـ بالقصر ـ هو الجلد. والأحسن ما قاله الفراء : إن العرب تضيف الشىء إلى نفسه عند اختلاف اللفظين كقوله تعالى ... (حَقُّ الْيَقِينِ)(٢) ...) اه وقال الأشمونى عند الكلام على بيت ابن مالك (٣) :
ولا يضاف اسم لما به اتّحد |
|
معنى ، وأوّل موهما إذا ورد |
ما نصّه : «لا يضاف اسم لما اتحد به معنى ؛ كالمرادف مع مرادفه ؛
__________________
(١) ومع أن السماع يؤيدهم يزيدون فيستخدمون «قياس التنظير» فيقولون : إن العرب أجازت عطف الشىء على نفسه إذا اختلف اللفظان : كقول قائلهم : «وألفى قولها كذبا ومينا» ... والمين هو الكذب. والأصل فى عطف النسق المغايرة. والمضاف والمضاف إليه كالمعطوف والمعطوف عليه ؛ لهذا قال «ياسين» فى هذا الموضع من حاشيته على «التصريح» : (إنهم استدلوا بالسماع والقياس ، ووافقهم فى التسهيل). اه.
ولما تقدم إشارة فى رقم ٨ من ص ٦٦٠.
(٢) انظر رقم ٤ من هامش ص ٥١ :
(٣) ستجىء له إشارة أخرى فى هامش ص ٦٥.