وتكلّف يخرجان الإضافة عن ظاهرها (١). فأيهما الصحيح؟. وبعد كل ما سبق أقياسية هى أم سماعية؟.
لكل رأى أدلته التى يقويها أصحابه بتأويل الأسلوب تأويلا يبعده عن ظاهره ، وبتخريجه إلى حيث يريدون من إثبات رأيهم ودعمه ...
والأمر لا يحتاج إلى هذا العناء الجدلىّ الذى له أسبابه التاريخية النحوية التى لا تعنينا اليوم ؛ فحسبنا أن نترك فضول التأويل والتخريج ، ونعوّل على ظاهر الأسلوب الإضافى تعويلا لا يعارض المراد منه ـ فنجد تلك الإضافات المتعددة قد انحصرت فى قسمين :
أولهما : يكون فيه المضاف والمضاف إليه بمعنى واحد ، مع اختلاف لفظهما. أى : أن اللفظين مختلفان ، ولكن مدلولهما متحد ، كإضافة المسمّى إلى الاسم (فى مثل : شهر رمضان ـ شجر البرتقال ـ علم الهندسة ...) ، ومثل هذه الإضافة لا تفيد المضاف تعريفا ولا تخصيصا ، لأن المضاف من حيث المعنى هو نفس المضاف إليه ، أو بمنزلته ؛ والشىء لا يتعرف ولا يتخصص بنفسه ، أو بما هو بمنزلة نفسه ؛ فلا يمكن أن تكون الإضافة فى هذا القسم «محضة» ؛ إذ «المحضة» لابد أن تفيد المضاف تعريفا أو تخصيصا إذا كان غير متوغل فى الإبهام ، وأن تتضمن معنى حرف من أحرف الجر الثلاثة المعروفة (٢) ، و «الإفادة والتضمين» ، يقتضيان أن يكون معنى المضاف غير معنى المضاف إليه.
ثانيهما : يكون فيه أحد الاسمين المتضايفين أصليّا والآخر زائدا (يمكن الاستغناء عنه من غير أن يتأثر المعنى المراد بحذفه) نحو : مررت بكم فألقيت اسم السّلام عليكم ... فكلمة : «اسم» زائدة ؛ لا فائدة منها مستجدة ، وإذا كانت كذلك فكيف تعتبر إضافتها محضة؟.
إن الإضافة المحضة تؤثر فى الأسلوب تأثيرا معنويّا ؛ لا غنى عنه ـ كما قلنا ـ فحيث يمكن الاستغناء عن أحد طرفى الإضافة لا تكون الإضافة محضة.
__________________
(١) راجع الهمع والصبان.
(٢) بيانها فى : (ا وب وج) ص ١٨ و١٩ و٢٠.