السابع : عدم الفصل بين المضاف والمضاف إليه باسم ظاهر ، أو بضمير بارز (١) ، أو بغيرهما ، لأن المتضايفين بمنزلة الكلمة الواحدة ذات الجزأين ، لا يصح أن يتوسط بينهما فاصل. غير أن هناك مواضع يجوز فيها الفصل فى السعة (٢) ـ فإباحتها فى الشعر ، وملحقاته ، أقوى ـ. ومواضع أخرى يجوز فيها الفصل للضرورة (٣).
ا ـ فأمّا مواضع الفصل فى السّعة فمنها :
(١) أن يكون المضاف مصدرا والمضاف إليه هو فاعله فى الأصل قبل الإضافة ، والفاصل بينهما إما مفعول به للمصدر (٤) ؛ كقول الشاعر :
حملت إليه من ثنائى حديقة |
|
سقاها الحجا سقى الرياض السحائب |
والأصل : سقى السحائب الرياض. وقول الآخر :
عتوا إذ أجبناهم إلى السّلم رأفة |
|
فسقناهم سوق ـ البغاث ـ الأجادل (٥) |
يريد : سوق الأجادل البغاث ، فوقع الفصل فى المثالين بين المصدر وفاعله بمفعوله المنصوب.
وإما ظرف للمصدر ؛ كقولهم : ترك يوما نفسك وهواها ، سعى لها فى
__________________
(١) أما المستتر فقد يفصل فى الإضافة غير المحضة ـ كما عرفنا فى ص ٣٤.
(٢) أى : فى النثر المرسل ؛ حيث يجد الناثر من فسحة القول ، وحرية التعبير ، والتصرف ـ ما لا يجده الشاعر ـ ونحوه ـ المقيد بقيود الشعر ، وضوابطه ؛ من وزن ، وقافية ، وخصائص شعرية ترهقه ، وتضيق بها حريته فى التعبير ، ولهذا منحوه أنواعا من التيسير لم يمنحوها الناثر ، وأباحوا أن يقع فى الشعر ـ وملحقاته ـ بعض أمور معينة لا تباح فى النثر المرسل ؛ تخفيفا على الشاعر ، ونزولا على حكم الضرورة. وسموا تلك الأمور المحددة : «الضرورات الشعرية ، ونظائرها». ولا شك أن ما يباح فى النثر مباح فى النظم بالأولوية. هذا ، وفريق من البصريين يمنع الفصل بين المتضايفين فى السعة ، وسيجىء فى ص ٥٨.
(٣) أى : الضرورة الشعرية ، وما يلحق بها ، مما أوضحناه فى ج ٤ م ١٤٨ ص ٢٠٦ باب : «مالا ينصرف». حيث البيان الكامل للضرورة ، وملحقاتها.
(٤) بشرط أن يكون المفعول غير جملة ؛ فلا يجوز : سرنى قول : ـ الدين حقّ ـ الملحد ، أى : قول الملحد : الدين حقّ.
(٥) معنى البيت : إن الأعداء عتوا ، (أى : أفسدوا) بعد أن رحمناهم ، وأجبناهم إلى السلم رأفة بهم. فلم نجد بدا أن نطاردهم ونسوقهم أمامنا كما تسوق الأجادل البغاث. (الأجادل. جمع أجدل ، ويسمى : الصقر ؛ وهو من جوارح الطيور القوية التى تحسن اصطياد الطيور الضعيفة. والبغاث :طائر ضعيف ، يصاد ، ولا يصيد ، ولا ينتفع صائده بشىء منه).