فقد أنّث المضارع : (تجد) لتأنيث فاعله المضاف ـ المستوفى الشرطين ـ تأنيثا مكتسبا من المضاف إليه ؛ لا تأنيثا ذاتيا (١).
فإن فقد المضاف أحد الشرطين لم يكتسب التأنيث من المضاف إليه ، فمثال ما فقد الشرط الأول : قولهم : «أعجبنى يوم العروبة» ، فلا يصح : أعجبتنى يوم العروبة ، لأن المضاف ليس كلا ، ولا بعضا ، ولا كالبعض ، مع أنه صالح للحذف ، فيقال : أعجبتنى العروبة (٢). ومثال ما فقد الشرط الثانى : سرّنى ربّان الباخرة ، فلا يصح سرّتنى ربّان الباخرة ، إذ لا يمكن حذف المضاف وإقامة
__________________
(١) وفى هذا التأنيث المكتسب يقول ابن مالك :
وربّما أكسب ثان أوّلا |
|
تأنيثا إن كان لحذف موهلا |
(موهل ـ بفتح الهاء ـ بمعنى : مؤهّل ، أى : صالح. أوهلت الرجل للعمل ؛ جعلته صالحا له» وأهلا لمزاولته). يريد : أن الثانى ـ وهو المضاف إليه ـ قد يفيد الأول التأنيث ؛ إن كان الأول صالحا للحذف والاستغناء عنه بالثانى ؛ كما شرحنا. وقد أهمل الشرط الأول.
وكلمة : «ربما» قد تفيد التكثير فالقياس عليه صحيح. وقد يكون معناها التقليل ، وأن استفادة التأنيث السالفة قليلة. وهذا صحيح ، ولكنها قلة لا تمنع القياس عليها ؛ إذ هى «قلة نسبية» ، لا «ذاتية (وقد شرحناهما فى رقم ٣ من هامش ص ٧٩ وأشرنا هناك إلى المرجع ، وإلى ص ٥٨٥ من الجزء الرابع ، باب جميع التكسير» م ١٧٢ حيث البيان المقيد عن المطرد ، والقياس ، والأكثر ، و .. و. وما يصح أن يقاس عليه وما لا يصح.) ـ فليست قليلة فى ذاتها لا يصح القياس عليها ، ولكنها قلة بالنسبة للكثرة التى لا يكتسب فيها المضاف التأنيث من المضاف إليه ، ومع أنها قلة نسبية تكفى للقياس عليها ، نرى الأحسن العدول عن محاكاتها قدر الاستطاعة.
ويلى هذا البيت فى الترتيب بيت سبق شرحه فى المكان الأنسب من ص ٤٩ ... ـ وهو :
ولا يضاف اسم لما به اتّحد |
|
معنى ، وأوّل موهما إذا ورد |
(٢) هذا نص كلام «الخضرى» والمثال منقول عنه. وهو مثال لا يخلو من «شبه الجزء» ولكن هذه المشابهة ضئيلة لا يلتفت إليها ؛ إذ تعذر الوصول إلى إضافة خالية من تلك المشابهة خلوّا تاما ، لا ارتباط فيه بين المتضايفين ولو كانت الإضافة غير محضة : فالمقصود : المشابهة القوية كما أشرنا قبلا.