فقد أنث الفعل الماضى : «شرق» لتأنيث فاعله المضاف المستوفى الشرطين ـ وهو : «صدر» ـ تأنيثا مكتسبا من المضاف إليه الذى هو كلّ للمضاف.
ومثال المضاف الذى يشبه جزء المضاف إليه قول الشاعر :
وما حبّ الديار شغفن (١) قلبى |
|
ولكن حبّ من سكن الديارا |
فكلمة : «حب» ـ الأولى ـ مبتدأ مذكر ، خبره الجملة الفعلية : «شغفن» والرابط بين المبتدأ وخبره : ضمير النسوة : «النون» وصح أن يكون العائد على المبتدأ المذكر ضميرا مؤنثا لأن المبتدأ المذكر مضاف ، وكلمة : «الديار» مضاف إليه مؤنثة ؛ فاكتسب منها التأنيث. والمضاف هنا وهو كلمة : «حبّ» ليس جزءا من المضاف إليه ، ولكنه يشبهه فى أن له اتصالا عرضيّا ، وارتباطا سببيّا به ؛ فالصلة بين الحب وديار الأهل والأصدقاء معروفة ، والشرط الثانى متحقق هنا ؛ فمن الممكن حذف المضاف ، والاكتفاء بالمضاف إليه من غير فساد للمعنى ؛ فيقال : الديار شغفن قلبى.
ومثال المضاف الذى هو «كلّ» للمضاف إليه قول الشاعر يصف نباتا ناضرا :
جادت عليه كلّ عين ثرّة (٢) |
|
فتركن كلّ حديقة كالدّرهم |
فقد لحقت تاء التأنيث آخر الفعل : «جاد» للدلالة على تأنيث فاعله ؛ وهو : «كل» ، مع ان هذا الفاعل مذكر فى ذاته. ولكنه مضاف ، اكتسب تأنيثه من المضاف إليه. أى : من : كلمة «عين» المؤنثة. فصح لذلك تأنيث فعله. وقد تحقق الشرطان ، لأن المضاف كلّ عامّ يشمل المضاف إليه ، ولا يفسد المعنى بحذف المضاف هنا وإقامة المضاف إليه ؛ فيقال : جادت عليه عين ثرّة (٣) ومثل هذا قوله تعالى : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً) ...
__________________
(١) أصبن شغاف قلبى. (والشّغاف بفتح الشين المشددة ، وفتح الغين) غشاء يلف القلب.
(٢) عين ثرة ؛ أى : بئر منهمرة ؛ فياضة الماء.
(٣) يتصل بهذا الحكم شىء آخر ؛ هو وقوع لفظ «كل» مضافا ، يليه «المضاف إليه» ، ثم «نعت» بعدهما. فلأيهما يكون هذا النعت؟
الجواب فى «ج» من ص ١٦٧.