ملاحظة :
ما تقدم من حكم الضمة المقدرة فى آخر الأعلام المبنية أصالة قبل النداء ، وفى آخر ما ألحق بها ... ، هو الرأى الشائع عند أكثر النحاة ـ كما أشرنا (١) ـ وفيه مع صحته وشيوعه ـ نوع من التضييق والتعقيد ؛ لأن بعض المحققين يتوسع فيقول : (إذا نقلت الكلمة المبنية وجعلتها علما لغير ذلك اللفظ ، فالواجب الإعراب) (٢). يريد : فالواجب اعتبارها معربة بعد النقل ، وقبل مناداتها ، وتناسى البناء السابق ، ويراعى عند ندائها هذا الاعتبار الجديد ، الذى يجعلها فى حكم الأسماء المعربة ، الأصيلة الإعراب قبل مجئ النداء ـ. وبناء على هذا الرأى ـ الشامل للضمير والإشارة ، وغيرهما صرح بعض النحاة بأنّك (تقول فى : كيف ، وهؤلاء ، وكم ، ومنذ ... أعلاما) ـ (يا كيف يا هؤلاء ـ يا كم ـ يا منذ ... بضمة ظاهرة ؛ فهى متجددة للنداء). اه. وفى هذا الرأى توسعة ، وتيسير محمودان ؛ لأنه يجعل حكم المنادى (٣) «المفرد العلم» مطرّدا ؛ يعم ويشمل صورا كثيرة بغير تفرقة ولا تشتيت. ومن ثم كان الأخذ
__________________
ـ وإنما ألحقت بالعلم لقرب درجة تعريفها منه ، ولم تدخل فى عداده لأنها ليست علما ... وهذا الخلاف شكلى ؛ بالرغم مما يرتبون عليه من وضع المعارف فى درجات متفاوتة القوة فى التعريف تفاوتا يؤدى إلى تقديم بعضها فى ترتيب الكلام على بعض ، لكن لا أثر له فى ضبط الكلمة ، ولا معناها ، ولا إعرابها ؛ فهى على الرأيين معرفة بعد النداء ، ومبنية على الضمة. سواء أكانت من قسم المفرد العلم أم من قسم النكرة المقصودة ... (وقد سبق نفصيل الكلام على العلم فى ج ١ ص ص ٢٠٠ م ٢٢)
(١) فى رقم ٦ من هامش ص ٩.
(٢) هذا كلام «الرضى» فى باب : «العلم» نقله «خالد» وعلق عليه فى شرحه : على «التصريح» (ج ٢ ـ أول الفصل الثانى ، فى أقسام ألمنادى).
(٣) وهو البناء على الضمة أو ما ينوب عنها ، من غير تفرقة بين ما أصله علم قبل النداء أو غير علم ، مبنى أو غير مبنى. لأن إدراك هذه التفرقة ، والوصول إلى معرفتها اليوم عسير كل العسر على جمهرة الناس ، ففى الاستغناء عنها راحة بغير ضرر. وهناك نص آخر يؤيد ما سبق ؛ ملخصه : وجوب الإعراب والتنوين معا قبل النداء فى كل لفظ أصله مفرد حقيقى (أى : ليس مثنى ولا جمعا ، ولا من أنواع المركبات الثلاثة التى منها المركب الإضافى ، وشبه الملحق به) ومبنى ثم ترك أصله ، وصار اعلما منقولا من معناه وحكمه السابقين إلى معنى وحكم جديدين. مثل كلمة : «أمس ، وغاق» إذا صارتا علمين ؛ فعند ندائهما يجرى عليهما حكم الأسماء المعربة قبل النداء.
راجع التصريح أول الفصل الثانى فى «أقسام المنادى ، ج ٢ ص ١٦٦ ـ وحاشيته آخر باب «الممنوع من الصرف» ص ٢٢٦) وسبق لهذا الحكم بيان مفيد فى ج ١ ، بابى المعرب والمبنى ـ والعلم ، م ٦ و ٢٣ ص ٧٤ و ٢٧٨.