(٣) ويجيزون فى إعراب المنادى فى الصورة السالفة أنه مبنى على الفتح ، على توهم وتخيل تركيبه مع صفته تركيبا لفظيّا ، كالتركيب اللفظى الذى فى الأعداد : أحد عشر ، وثلاثة عشر ، وأربعة عشر ، وما بعد أربعة عشر إلى آخر تسعة عشر ، فإن هذه الأعداد مبنية على فتح الجزأين دائما فى جميع الحالات الإعرابية ، بسبب تركيب الكلمتين تركيبا يلازمهما ، ويقتضى أن يلازمهما فتح آخرهما.
فما الداعى لهذا التكلّف أيضا ، وحمل المنادى مع صفته فى هذه الصورة على تلك الأعداد المركبة ، مع وجود الفارق الواضح بينهما؟ ذلك أن العدد المركب لا يؤدى معناه الأساسى المطلوب إلا مع التركيب الحتمى ، فكل جزء من الجزأين لا يستقل بنفسه ، وإنما هو بمثابة حرف من كلمة واحدة ، تؤدى معنى أصيلا ، لا يؤديه أحد حروفها ، وليس هذا شأن النعت والمنعوت كما هو معروف. ومن ثم كانت المشابهة بين الأسلوبين ضعيفة ، وكان الاعتماد عليها هنا غير قوىّ ، وإنما القوى أن نقول فى هذه الحالة ما قلناه فى الحالة الثانية وهو أن المنادى مبنىّ على الفتح ـ مباشرة ـ فى محل نصب ، نزولا على حكم الواقع الذى لا ضرر فى اتباعه. أما كلمة : «ابن» فإعرابها هنا كإعرابها هناك.
(٤) ويجيزون أيضا فى المنادى السالف ألّا يكون مبنيّا على الفتح فى محل نصب وإنما يكون معربا منصوبا ، مباشرة ، بغير تنوين ، غير أنّهم لحظوا أن حالات المنادى المعرب المنصوب لا تنطبق عليه ؛ فتلمسوا الوسيلة لإدخاله تحت واحدة منها فارتضوا أن تكون الصفة (ابن) فى حكم الزائدة التى لا وجود لها ، وأن المنادى مضاف ، وأن المضاف إليه هو الكلمة التى بعد كلمة «ابن» وبذا يكون المنادى ـ فى تقديرهم داخلا فى قسم المضاف الذى يجب إعرابه ونصبه!! ويترتب على هذا أن تكون كلمة «ابن» مقحمة بين المضاف والمضاف إليه وأنها لا توصف بإعراب ولا بناء ، وإنما هى موقوفة ـ كما يقولون ـ ولا محل لها من الإعراب ، فليست صفة ، ولا غيرها.
فما هذا؟ وما الدافع له؟ الخير فى إهماله ، وإنما ذكرناه لنعرض شيئا يستحق الإعراض عنه. ثم نواجه الواقع بحكم أصيل يناسبه ، لا إقحام فيه ، ولا وقف ، ولا بناء ؛ فنعتبر المنادى معربا منصوبا بغير تنوين ، وكلمة «ابن صفة له ، منصوبة.