المسألة ١٢٨ :
أقسام المنادى الخمسة ، وحكم كلّ
القسم الأول : المفرد العلم ، ويراد بالمفرد هنا : ما ليس مضافا ، ولا شبيها بالمضاف ؛ فيشمل المفرد الحقيقى (١) ؛ بنوعيه المذكر والمؤنث ، ويشمل مثناه ، وجمعه ، (نحو : فضل ، علم رجل ـ الفضلان ـ الفضلون ـ الفضول ـ عائدة. علم امرأة ـ العائدتان ـ العائدات ـ العوائد ...) ، ويشمل كذلك الأعلام المركبة قبل النداء ؛ سواء أكان تركيبها مزجيّا ؛ كسيبويه (علم إمام النحاة المشهور) ـ أم إسناديّا ، كنصر الله ، أو : شاء الله ، علمين ، أم عدديّا كخمسة عشر (٢) ...
فكل هذه الأعلام ـ وأشباهها ـ تسمّى مفردة فى هذا الباب ، وتعريفها بالعلمية قبل النداء يلازمها بعده ـ على الأصح ـ فلا يزيله النداء ليفيدها تعريفا جديدا أو تعيينا. وإنما يقوّى التعريف السابق ، ويزيد العلمية وضوحا وبيانا. ويلاحظ حذف «أل» وجوبا من صدر المنادى ؛ ـ علما وغيره ـ إن لم يكن المنادى من المواضع المستثناه التى يصح تصديرها «بأل» (٣).
حكمه :
(ا) الأكثر بناؤه على الضمة ـ بغير تنوين ـ أو على ما ينوب عنها. ويكون فى محل نصب دائما ، لأن المنادى فى أصله مفعول به (٤) نحو : يا فضل ، كلّ شىء يحتاج إلى العقل ، والعقل يحتاج إلى التّجربة ـ يا فضلان (٥) ... يا فضلون ... (٦)
__________________
(١) وهو الذى يدل على واحد. ويلحق به فى حكمه هنا مثناه وجمعه. لكن أيعتبر هذان بعد النداء أعلاما أم نكرات مقصودة؟ الجواب فى رقم ٣ من ص ١٥.
(٢) عند غير الكوفيين الذين يجعلون صدر المركب العددى بمنزلة المضاف ، منصوبا ، كما سيجىء فى رقم ٤ من ص ١٥ وفى هامشى ص ١٦ و ٣١.) ورأيهم ضعيف. وأثر الخلاف يظهر فى توابع المنادى.
(٣) ستجىء فى ص ٣٥.
(٤) المنادى بمنزلة المفعول به لفعل محذوف مع فاعله ـ فى أحد الآراء ـ نابت عنهما «يا» أو إحدى أخواتها. يقول النحاة فى مثل : يا على ... إن أصله ـ كما تقدم ، فى «د» من ص ٦ ـ : أدعو ، أو : أنادى عليا ... حذف الفعل ، مع فاعله ونابت عنهما «يا» وصار المفعول به منادى ، مبنيا على الضم فى محل نصب ويستدلون على أنه فى محل نصب بورود كعبر من توابعه منصوبا فى الكلام الصحيح المأنور. وليس فى الجملة ما يصلح سببا لنصبه إلا مراعاة المحل.
(٥) راجع ـ رقم ٣ ص ١٥ فى الزيادة والتفصيل ـ ما يختص بنداء العلم المثنى والجمع ؛ لأهميته.