(قال الشيخ فى دلائل الاعجاز) في بحث مواضع التقديم والتأخير ومن ابين شيء في ذلك الاستفهام بالهمزة فان موضع الكلام على انك اذا قلت افعلت فبدأت بالفعل كان الشك في الفعل نفسه وكان غرضك من استفهامك ان تعلم وجوده واذا قلت أأنت فعلت فبدأت بالاسم كان الشك فى الفاعل من هو وكان التردد فيه.
ومثال ذلك انك تقول ابنيت الدار التي كنت على ان تبنيها اقلت الشعر الذي كان في نفسك ان تقوله افرغت من الكتاب الذي كنت تكتبه تبدا في هذا ونحوه بالفعل لان السؤال عن الفعل نفسه والشك فيه لانك في جميع ذلك متردد في وجود الفعل وانتفائه مجوز ان يكون قد كان وان يكون لم يكن.
وتقول أأنت بنيت هذه الدار أأنت قلت هذا الشعر أأنت كتبت هذا الكتاب فتبدأ في ذلك كله بالاسم وذلك لانك لم تشك في الفعل انه كان كيف وقد اشرت الى الدار مبنية والشعر مقولا والكتاب مكتوبا وانما شككت في الفاعل من هو.
فهذا من الفرق لا يدفعه دافع ولا يشك فيه شاك ولا يخفى فساد احدهما فى موضع الآخر فلو قلت أأنت بنيت الدار التي كنت على ان تبنيها أأنت قلت الشعر الذي كان في نفسك ان تقوله أأنت فرغت من الكتاب الذي كنت تكتبه خرجت من كلام الناس وكذلك لو قلت ابنيت هذه الدار اقلت هذا الشعر اكتبت هذا الكتاب قلت ما ليس بقول وذلك لفساد ان تقول في الشيء المشاهد الذي هو نصب عينيك اموجود ام لا ثم قال الشيخ ومما يعلم به ضرورة انه لا تكون البداية بالفعل كالبداية بالاسم انك تقول اقلت شعرا قط أرأيت اليوم انسانا