الا القريب فيخرج اللفظ عن التورية.
(وهي ضربان) احدهما (مجردة وهي التي لا تجامع شيئا مما يلائم المعنى القريب) فتكون مجردة لتجردها عما يرشح خفائها وقد تقدم معنى الترشيح في بحث الاستعارة (نحو (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) فان الاستواء له معنيان قريب وهو الاستقرار حسا على سطح من السطوح وبعيد وهو الاستيلاء اي الارتفاع على الشيء بالقهر والغلبة فكانت الآية المباركة تورية مجردة (فانه تعالى اراد ب (اسْتَوى) معناه البعيد وهو استؤلى ولم يقرن به شيء مما يلائم المعنى القريب الذي هو الاستقرار والقرينة خفية وهي استحالة الاستقرار حسا عليه تعالى والاستحالة متوفقة على أدلة نفي الجسمية عنه تعالى والادلة على ذلك ليست مما يفهمه كل واحد بلا تأمل ولذلك ذهب الى الجسمية جمع كثير خذ لهم الله من دون استحياء منه تعالى وتقدس والبحث طويل الذيل ليس هنا محله.
(و) ثانيهما (مرشحة) هذا (عطف على مجردة) وقد تقدم معنى الترشيح في الموضع المذكور (وهي) اي المرشحة التورية (التي تجامع شيئا مما يلائم المعنى القريب المورى به) اي المعنى القريب الذي ورى بسببه (عن المعنى البعيد) الذي هو (المراد) وتلك الملائمة (اما بلفظ قبله) أي قبل المعنى القريب الذي ورى بسببه عن المعنى البعيد المراد (نحو (وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ)) اصله ايدي جمع يد والشاهد فيه (فانه تعالى أراد (بِأَيْدٍ) معنا البعيد اعني القدرة) والقوة (وقد قرن بها ما يلائم المعنى القريب اعني الجارحة المخصوصة وهو) اي ما يلائم المعنى القريب (قوله (بَنَيْناها)) وجه الملائمة ان البناء بالمعنى المتعارف يحصل عادة بألجأرحة المخصوصة وهو أي بنيناها ذكر قبل الايدي.