خلق الله الإحراق عقيب مسيس النار ، ولم لا يحصل ابتداء؟ فكذا هاهنا لا يصحّ أن يقال: لم أثاب عقيب أفعال مخصوصة وعاقب عقيب أفعال أخرى؟ ولم لا يفعلها ابتداء ولم يعكس فيهما ، وأما التكليف والتأديب والبعثة والدعوة ، فإنها قد تكون دواعي العبد إلى الفعل واختياره فيخلق الله الفعل عقيبها عادة ، وباعتبار ذلك يصير الفعل طاعة ومعصية ويصير علامة للثّواب والعقاب ثم ما ذكره أنّه يلزم إذا كان الفاعل للمعصية فينا هو الله تعالى أنّا لم نقدر على الطاعة ، لأنّه إن خلق الطاعة كان واجب الحصول ، وإلّا كان ممتنع الحصول ، فنقول : هذا يلزمكم في العلم لزوما غير منفكّ عنكم ، لأنّ ما علم الله عدمه من أفعال العبد فهو ممتنع الصّدور عن العبد وما علم الله وجوده فهو واجب الصّدور عن العبد ، ولا مخرج عنهما لفعل العبد ، وأنّه يبطل الاختيار إذ لا قدرة على الواجب والممتنع ، فبطل حينئذ التكليف لابتنائه على القدرة والاختيار بالاستقلال كما ذكرتم ، فما لزمنا في مسألة خلق الأعمال فقد لزمكم في مسألة علم الله تعالى بالأشياء «انتهى».
أقول
تسميته لذلك الدّليل القطعي شبهة اشتباه نشأ عن القول بالكسب بمعنى المحلية ، كما صرّح به ، وقد مرّ بيان فساد القول بالكسب مجملا ، وسيجيء إن شاء الله تعالى مفصلا ، ويتوجّه على ما ذكره في الجواب من أنّ التّكليف باعتبار المحلّية إلخ من الرّد وجوه ، الاول أنّ حاصل جوابه أنا لا نقول : إنّ العبد مكلف بإيجاد الفعل حتّى يتوجّه لزوم تكليف ما لا يطاق بل نقول : إنّه مكلف بالكسب والمحلّيّة وهو ممّا يطاق ، وفيه أنّ الكسب إن لم يكن بإيجاد العبد إيّاه فالتّكليف تكليف بما لا يطاق ، وإن كان بإيجاده إيّاه ثبت أنّ العبد فاعل موجد وهو المطلوب ، وأيضا لا اختيار للعبد في المحلّية على رأى الأشاعرة كما مرّ ، فلا يظهر وجه استحقاق