قبره لعلمت أنه لن يذهب حتى يظهر فارج (١) من عقل بالاسترجاع والبكاء والاستغفار لعلي والتعزية لحسين ، ثم انصرف راجعا إلى الكوفة في الناس.
ندب علي ومراثيه صلوات الله عليه
٩٣ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني الحسين بن عبد الرحمن ، عن محمد بن أيوب التميمي ، عن موسى عن المغيرة ، عن الضحاك بن مزاحم ، قال : ذكر علي بن أبي طالب ـ عليهالسلام ـ عند ابن عباس ـ رحمهالله ـ بعد وفاته فقال :
وا أسفا على أبي الحسن ، ملك والله فما بدل ولا غير ولا قصر ، ولا جمع ولا منع ولا آثر ، ولقد كانت الدنيا أهون عليه من شسع نعله ، ليث في الوغى ، بحر في المجالس ، حكيم الحكماء ، هيهات قد مضى في الدرجات العلى.
٩٤ ـ [٢٤٥ / ب] حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني محمد بن أبي يحيى أن شيخا من ضبة يكنى أبا الوليد حدثهم ، قال : حدثني عبد الواحد ابن أبي عمرو الأسدي أن معاوية قال لرجل (٢) من كنانة : صف لي عليا ، قال : اعفني ، قال : لا أعفيك ، قال : أما إذ لا بد فإنه كان والله بعيد المدى ، شديد القوى ، يقول فصلا ويحكم عدلا ، يتفجر العلم من جوانبه ، وتنطق الحكمة من نواحيه ، يستوحش من الدنيا وزهرتها ، ويأنس بالليل وظلمته ، كان والله غزير العبرة ، طويل الفكرة ، يقلب كفه ، ويخاطب نفسه ، يعجبه من اللباس ما قصر ، ومن الطعام ما جشب.
__________________
قوية ، وقد شفى وكفى فراجع.
(١) كذا في الأصل.
(٢) هو ضرار بن ضمرة الكناني النهشلي ، وكلامه هذا له مصادر كثيرة منها أمالي القالي ٢ / ١٤٣ ، وزهر الآداب ١ / ٣٨ ، والاستيعاب : ١١٠٧ ، والمستطرف ١ / ١٢٧ ، وذخائر العقبى : ١٠٠ ، والرياض النضرة ٢ / ٢١٢ ، وشرح النهج لابن أبي الحديد ٤ / ٢٧٦ ، ورواه الحافظ الطبراني وعنه الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء ١ / ٨٤ ، والحافظ ابن عساكر في ترجمة ضرار من تاريخه عن أبي علي الحداد عن أبي نعيم ، وأورده ابن الجوزي في صفة الصفوة وفي الطبقات وفيها كلها : فوكفت دموع معاوية على لحيته ما يملكها ، وجعل ينشفها بكمه وقد اختنق القوم بالبكاء.