هو نفس النبي بالنص حقا |
|
(قل تعالوا) قضت بذا دعواها |
فهما واحد إماما بذات |
|
بارى الخلق بالثنى ثناها (١٩٠) |
شقها الله في الخليقة |
|
نصفين قدما وباسمه سماها |
لم يميز منها البصير صفات |
|
لفظة اثنين واحد معناها |
بات ليلا على فراش رسول |
|
الله يشتاق للمنون لقاها |
وبه أحدقت جموع قريش |
|
واستطالت له طلا رؤساها |
رقدت في المبيت عيناه لكن |
|
قلبه للهدى أفاق انتباها (١٩٥) |
كلما في دجى الردى هددته |
|
سطوة الشرك لم يكن يخشاها |
فاديا دون أحمد منه نفسا |
|
كل نفس حقا تكون فداها |
أنزل الله جبرئيل وميكائيل |
|
ليلا لنفسه حفظاها |
قال كل له : بخ لك حقا |
|
إن رب السما بمثلك باها ... (٧) |
وفي آخرها يقول :
بشر بشرت به الرسل قدما |
|
وبه الله للملائك باها (٢٠٠) |
كان سرا مع النبي من |
|
قبل يوفى قلوبها سراها |
كل أهل النهى بمعناه حارت |
|
ودعت باسمه الغلاة إلها |
ليس تخفى له المجد ذات |
|
محكم الذكر بالثنا أطراها |
بمرور العصور جيلا فجيلا |
|
ليس ينسى طول الزمان جداها |
بالعلى سادت الخليقة جمعا |
|
حيث جبرئيل خادم إياها (٢٠٥) |
__________________
(٧) يشير شاعرنا الكبير إلى أروع صورة يرويها لنا التاريخ عن الايثار التي كانت متمثلة في الإمام أمير المؤمنين علي ـ عليهالسلام ـ حين مبيته على فراش رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ ليلة هجرته ، يفديه بنفسه ، ويقيه بمهجته ، فأوحى الله تعالى إلى جبرئيل وميكائيل : إني آخيت بينكما ، وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر ، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة ، فاختار كل واحد منهما الحياة وأحباها ، فأوحى الله ـ عزوجل ـ إليهما : أفلا كنتما مثل علي بن أبي طالب ، آخيت بينه وبين محمد ، فبات علي فراشه يفديه بنفسه ، ويؤثره بالحياة ، اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه.
فكان جبرئيل وميكائيل عند رجليه ، وجبرئيل يقول : بخ بخ ، من مثلك يا بن أبي طالب ، والله يباهي بك الملائكة ، فأنزل الله في علي ـ عليهالسلام ـ : (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد) [سورة البقرة الآية ٢٠٧] كما حدثنا بها الغزالي في كتابه (إحياء العلوم) وغيره.