فحكي عن عائشة وأبان بن عثمان : أنه غلط من الكتاب ، ينبغي أن تكتب : والمقيمون الصلاة. وقال عثمان بن عفان : إن في المصحف لحنا ستقيمه العرب بألسنتهم ، فقيل له : أفلا تغيره؟! فقال : دعوه ، فإنه لا يحل حراما ولا يحرم حلالا. وذهب عامة الصحابة وسائر العلماء من بعدهم إلى أنه لفظ صحيح ليس فيه خطأ من كاتب ولا غيره.
وأجيب عما روي عن عثمان بن عفان وعن عائشة وأبان بن عثمان : بأن هذا بعيد جدا ، لأن الذين جمعوا القرآن هم أهل اللغة والفصاحة والقدرة على ذلك ، فكيف يتركون في كتاب الله لحنا يصلحه غيرهم ، فلا ينبغي أن ينسب هذا لهم. قال ابن الأنباري : ما روي عن عثمان لا يصح لأنه غير متصل ، ومحال أن يؤخر عثمان شيئا فاسدا ليصلحه غيره. وقال الزمخشري في الكشاف : ولا يلتفت إلى ما زعموا ...) (٩).
وقال في (... حتى تستأنسوا ...) : (وكان ابن عباس يقرأ : حتى تستأذنوا. ويقول : تستأنسوا خطأ من الكاتب. وفي هذه الرواية نظر لأن القرآن ثبت بالتواتر) (١٠).
وقال الرازي في الآية (إن هذان لساحران) : (القراءة المشهورة إن هذان لساحران. ومنهم من ترك هذه القراءة ، وذكروا وجوها أخر [فذكرها ووصفها بالشذوذ ، ثم قال :] واعلم أن المحققين قالوا : هذا القراءات لا يجوز تصحيحها ، لأنها منقولة بطريق الآحاد ، والقرآن يجب أن يكون منقولا بالتواتر ، إذ لو جوزنا إثبات زيادة في القرآن بطريق الآحاد لما أمكننا القطع بأن هذا الذي هو عندنا كل القرآن ، لأنه لما جاز في هذه القراءات أنها مع كونها من القرآن ما نقلت بالتواتر جاز في غيرها ذلك ، فثبت أن تجويز كون هذه القراءات من القرآن يطرق جواز الزيادة والنقصان والتغيير إلى القرآن وذلك يخرج القرآن عن كونه حجة ، ولما كان ذلك باطلا فكذلك ما أدى إليه ، وأما الطعن في القراءة
__________________
(٩) تفسير الخازن ١ / ٤٢٢.
(١٠) تفسير الخازن ٣ / ٣٢٣.