المشهورة فهو أسوأ مما تقدم من وجوه :
أحدها : أنه لما كان نقل هذه القراءة في الشهرة كنقل جميع القرآن فلو حكمنا ببطلانها جاز مثله في جميع القرآن ، وذلك يفضى إلى القدح في التواتر وإلى القدح في كل القرآن ، وأنه باطل وإذا ثبت ذلك امتنع صيرورته معارضا بخبر الواحد المنقول عن بعض الصحابة.
وثانيها : أن المسلمين أجمعوا على أن ما بين الدفتين كلام الله تعالى ، وكلام الله تعالى لا يجوز أن يكون لحنا وغلطا ، فثبت فساد ما ينقل عن عثمان وعائشة أن فيه لحنا وغلطا.
وثالثها : قال ابن الأنباري : إن الصحابة هم الأئمة والقدوة ، فلو وجدوا في المصحف لحنا لما فوضوا إصلاحه إلى غيرهم من بعدهم ، مع تحذيرهم من الابتداع وترغيبهم في الاتباع ...) (١١).
وقال أبو حيان الأندلسي في (... والمقيمين ...) بعدما ذكر عن عائشة وأبان بن عثمان فيها : (ولا يصح عنهما ذلك ، لأنهما عربيان فصيحان) (١٢).
وقال القنوجي : (وعن عائشة أنها سئلت عن (المقيمين) وعن قوله (إن هذان لساحران) و (الصابئون) في المائدة ، فقالت : يا ابن أخي ، الكتاب أخطأوا.
وروي عن عثمان بن عفان أنه لما فرغ عن المصحف وأتي به قال : أرى فيه شيئا من لحن ستقيمه العرب بألسنتها ، فقيل له : ألا تغيره؟! فقال : دعوه ، فإنه لا يحل حراما ولا يحرم حلالا.
قال ابن الأنباري : وما روي عن عثمان لا يصح ، لأنه غير متصل ، ومحال أن يؤخر عثمان شيئا فاسدا ليصلحه غيره ، ولأن القرآن منقول بالتواتر عن رسول الله [صلىاللهعليهوآله] فكيف يمكن ثبوت اللحن فيه؟! وقال الزمخشري في الكشاف : ولا يلتفت ...) (١٣).
__________________
(١١) تفسير الكبير ٢٢ / ٧٤.
(١٢) البحر المحيط ٣ / ٣٩٤.
(١٣) فتح البيان ٦ / ٤٠٧ ـ ٤٠٨.