وقال في (إن هذان لساحران) : (فهذه أقوال تتضمن توجيه هذه القراءة بوجه تصح به وتخرج به عن الخطأ ، وبذلك يندفع ما روي عن عثمان وعائشة أنه غلط من الكاتب للمصحف) (١٤).
وقال الآلوسي في (والمقيمين) : (ولا يلتفت إلى من زعم أن هذا من لحن القرآن وأن الصواب (والمقيمون) بالواو كما في مصحف عبد الله وهي قراءة مالك بن دينار والجحدري وعيسى الثقفي ، إذ لا كلام في نقل النظم متواترا فلا يجوز اللحن فيه أصلا. وأما ما روي أنه لما فرغ من المصحف أتي به إلى عثمان فقال : قد أحسنتم وأجملتم ... فقد قال السخاوي : إنه ضعيف ، والإسناد فيه اضطراب وانقطاع ، فإن عثمان جعل للناس إماما يقتدون به ، فكيف يرى فيه لحنا ويتركه لتقيمه العرب بألسنتها ، وقد كتب عدة مصاحف وليس فيها اختلاف أصلا إلا فيما هو من وجوه القراءات. وإذا لم يقمه هو ومن باشر الجمع ـ وهم هم ـ كيف يقيمه غيرهم؟!) (١٥).
فهذه كلمات في رد هذه الأحاديث ، ويلاحظ أن بعضهم يكتفي (بالاستبعاد) ، وآخر يقول : (فيه نظر) ، وثالث يقول : (لا يخفى ركاكة هذا القول) ، ورابع يقول : (لا يلتفت ...) ، وخامس يقول : (غريب).
ومنهم من يجرأ على التضعيف بصراحة فيقول : (لا يصح) ، وفي (الإتقان) عن ابن الأنباري أنه جنح إلى تضعيف هذه الروايات (١٦) وعليه الباقلاني في (نكت الإنتصار) (١٧) وجماعة.
لكن بعضهم يستدل ويبرهن على بطلان هذه الأحاديث ، لأن القول بها يفضي إلى القدح في تواتر القرآن ، والطعن في الصحابة وخاصة في جامعي المصحف وعلى رأسهم عثمان ، فهذه الأحاديث باطلة لاستلزامها للباطل ...
وجماعة ذهبوا إلى أبعد من كل هذا ، وقالوا بوضع هذه الأحاديث
__________________
(١٤) فتح البيان ٦ / ٩٤.
(١٥) روح المعاني ٦ / ١٣ ـ ١٤.
(١٦) الإتقان ٢ / ٣٢٩.
(١٧) نكت الإنتصار : ١٢٧.