واختلاقها ، من قبل أعداء الإسلام ...
فيقول الحكيم الترمذي (١٨) : (... ما أرى مثل هذه الروايات إلا من كيد الزنادقة ...) (١٩)
ويقول أبو حيان الأندلسي : (ومن روى عن ابن عباس أن قوله : (حتى تستأنسوا) خطأ أو وهم من الكاتب ، وأنه قرأ حتى (تستأذنوا) فهو طاعن في الإسلام ملحد في الدين ، وابن عباس برئ من هذا القول) (٢٠).
وهكذا عالج بعض العلماء والكتاب المتأخرين والمعاصرين هذه الأحاديث ، فنرى صاحب (المنار) يقول :
(وقد تجرأ بعض أعداء الإسلام على دعوى وجود الغلط النحوي في القرآن ، وعد رفع (الصابئين) هنا من هذا الغلط. وهذا جمع بين السخف والجهل ، وإنما جاءت هذه الجرأة من الظاهر المتبادر من قواعد النحو ، مع جهل أو تجاهل أن النحو استنبط من اللغة ولم تستنبط اللغة منه ...) (٢١).
ويقول : (وقد عد مثل هذا بعض الجاهلين أو المتجاهلين من الغلط في أصح كلام وأبلغه ، وقيل : إن (المقيمين) معطوف على المجرور قبله ... وما ذكرناه أولا أبلغ عبارة وإن عده الجاهل أو المتجاهل غلطا ولحنا. وروي أن الكلمة في مصحف عبد الله بن مسعود مرفوعة ، فإن صح ذلك عنه وعمن قرأها مرفوعة كمالك بن دينار والجحدري وعيسى الثقفي كانت قراءة ، وإلا فهي كالعدم.
وروى عن عثمان أنه قال : إن في كتابة المصحف لحنا ستقيمه العرب بألسنتها ، وقد ضعف السخاوي هذه الرواية وفي سندها اضطراب وانقطاع. فالصواب أنها موضوعة ، ولو صحت لما صح أن يعد ما هنا من ذلك اللحن ، لأنه
__________________
(١٨) وهو الحافظ أبو عبد الله محمد بن علي ، صاحب التصانيف ، من أئمة علم الحديث ، له ترجمة في تذكرة الحفاظ ٢ / ٦٤٥ وغيرها.
(١٩) نوادر الأصول.
(٢٠) البحر المحيط ٦ / ٤٤٥.
(٢١) المنار ٦ / ٤٧٨.