تلحق بالقرآن ، يتوقف على النظر في ما ورد في هذا الباب سندا ومتنا والجمع بينها بحمل بعضها على البعض بقدر الإمكان ، وهذا أمر لا بد منه ... فنقول :
أولا : لقد وردت عن بعض الصحابة أحاديث فيها حصر من جمع القرآن على عهد رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ في عدد معين ، اتفق عبد الله بن عمرو وأنس بن مالك على أنهم (أربعة) على اختلاف بينهما في بعض أشخاصهم ...
فعن عبد الله بن عمرو أنهم : عبد الله بن مسعود ، سالم ، معاذ بن جبل ، أبي ابن كعب (٣١).
وعن أنس بن مالك ـ في حديث عن قتادة عنه ـ هم : أبي بن كعب ، معاذ بن جبل ، زيد بن ثابت ، أبو زيد. قال : من أبو زيد؟ قال : أحد عمومتي (٣٢).
وفي آخر ـ عن ثابت عنه ـ ، قال : (مات النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ ولم يجمع القرآن غير أربعة : أبو الدرداء ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ، وأبو زيد).
فأي توجيه صحيح لحصر جماع القرآن في أربعة؟ وكيف الجمع بين ما روي عن الصحابيين ، ثم بين الحديثين عن أنس؟
قال السيوطي : (قد استنكر جماعة من الأئمة الحصر في الأربعة ، وقال المازري : لا يلزم من قول أنس (لم يجمعه غيرهم) أن يكون الواقع في نفس الأمر كذلك ... قال : وقد تمسك بقول أنس هذا جماعة من الملاحدة ولا مستمسك لهم فيه ، فإنا لا نسلم حمله عليه ظاهره) ثم ذكر السيوطي كلاما للقرطبي ونقل عن الباقلاني وجوها من الجواب عن حديث أنس ثم قال : (قال ابن حجر : وفي غالب هذه الاحتمالات تكلف) (٣٣).
ثانيا : قد اختلفت أحاديثهم في (أول من جمع القرآن) ففي بعضها أنه
__________________
(٣١) صحيح البخاري ٦ / ١٠٢ ، صحيح مسلم ٧ / ١٤٩.
(٣٢) صحيح البخاري ٦ / ١٠٢. واختلف في اسم أبي زيد هذا. أنظر الإتقان ١ / ٧٤.
(٣٣) الإتقان ١ / ٢٤٤ ـ ٢٤٧.