(أبو بكر) وفي آخر (عمر) وفي ثالث (سالم مولى أبي حذيفة) وفي رابع (عثمان).
وطريق الجمع بينها أن يقال : إن أبا بكر أول من جمع القرآن أي دونه تدوينا ، وأن المراد من : (فكان [عمر] أول من جمعه في المصحف) أي : أشار على أبي بكر أن يجمعه ، وأن المراد فيما ورد في (سالم) : أنه من الجامعين للقرآن بأمر أبي بكر ، وأما (عثمان) فجمع الناس على قراءة واحدة.
ثالثا : في بيان الأحاديث الواردة في كيفية الجمع وخصوصياته في كل مرحلة. أما في المرحلة الأولى ، فقد رووا عن زيد قوله : (كنا على عهد رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ نؤلف القرآن من الرقاع ...) (٣٤) ورووا عنه أيضا : (قبض رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ ولم يكن القرآن جمع في شئ) (٣٥) وأنه قال لأبي بكر لما أمره بجمع القرآن : (كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله؟!) (٣٦).
إلا أنه يمكن الجمع بين هذه الأخبار بحمل النافية على عدم تأليف القرآن وجمعة بصورة كاملة في مكان واحد ، بل كانت كتابته كاملة عند الجميع ...
وهكذا تندفع الشبهة الأولى.
وأما في المرحلة الثانية : فإنه وإن كان أمر أبي بكر بجمع القرآن وتدوينه بعد حرب اليمامة ، لكن الواقع كثرة من بقي بعدها من حفاظ القرآن وقرائه ، مضافا إلى وجود القرآن مكتوبا على عهد النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ ... فلا تطرق الشبهة من هذه الناحية في تواتره. وأما الحديث : (إن عمر سأل من آية من كتاب الله كانت مع فلان قتل يوم اليمامة ...) فإسناده منقطع (٣٧) فالشبهة الثانية مندفعة كذلك.
وأما جمع القرآن من العسب واللخاف وصدور الرجال ـ كما عن زيد ـ فإنه لم يكن لأن القرآن كان معدوما ، وإنما كان قصدهم أن ينقلوا من عين المكتوب بين يدي النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ ولم يكتبوا من حفظهم. وأما قوله :
__________________
(٣٤) المستدرك ٢ / ٦٦٢.
(٣٥) الإتقان ١ / ٢٠٢.
(٣٦) صحيح البخاري ٦ / ٢٢٥.
(٣٧) الإتقان ١ / ٥٩.