|
(هذه الرسالة المعروضة إلى العلامة الزمخشري من بعض معاصريه التي كانت رسالته الآتية جوابا عنها بيانا لما في ضمنها. |
بسم الله الرحمن الرحيم
ساعات سيدنا الإمام الزاهد الحبر العلامة جار الله شيخ العرب والعجم ، أدام الله إمتاع المسلمين ببقائه ، وإن كانت مقصورة على الاستعداد للمعاد ، مستغرقة في اتعاب خاطره الوقاد في فنون الاجتهاد ، لا يفتر طرفة عين عن تصنيف ينفث فيه سحره ، ويلفظ للغواصين فيه دره ، بعد أن جشم خاطره في «الكشاف عن حقائق التأويل» وأجال رويته في البحث عن وجوه التأويل ، مدئبا في الفكر مطاياه ، متغلغلا في علم البيان إلى زواياه وخباياه ، حتى ارتفع كتابا ساطعا بيانه ، جليا برهانه ، مشحونا بفوائد لا يدركها الاحصاء ، ومحاسن لا يقصرها الاستقصاء ، لكنه مع هذا يتوقع من دينه المتين وفضله المبين أن يتصدق على معشر الداعين لأيامه ، الشاكرين لإنعامه ، بالجواب عن اعتراضات تنزاح بسببه شبه المرتابين ، ليتوصلوا بنتائج خاطره ، وبركات أنفاسه ، إلى ثلج الصدور وبرد اليقين ، والله تعالى ولي توفيقه في ما يكسبه جزيل المثوبة في العقبى ، وحسن الأحدوثة في الدنيا إن شاء الله.
فمنها : سأل سائل فقال : ذكرتم أن لغة العرب لها من الفضيلة ما ليس لسائر اللغات ، فقلتم قولا غفلا ساذجا من غير أن تشيروا إلى بيان وجه التفضيل ، وتبينوا الخواص التي لأجلها أحدث وصف الفضيلة والشرف ، وتعدوها فصلا فصلا ، وتشيروا إليها شيئا فشيئا ، وما أنكرتم على من قال لكم : إن لغة العرب وغيرها من اللغات المختلفة كالسريانية والعبرانية والهندية والفارسية كلها على