والتعريفات ، وأن عصرها عصر بداوة لا يمكن أن تظهر فيه تلك التقسيمات إلى غيرها من أهداف جهنمية ، لا يستهدفون منها التشكيك بالتشيع فحسب ، بل بالإسلام كله.
٢ ـ بدائية النحو :
نحن نعلم أن بداية كل علم أو فكرة تبدأ بهذه الصورة البدائية والتي تتجه للكليات والمسائل العامة كتقسيم الكلمة مثلا ، ثم تتوسع وتتفرع لتتضمن المسائل الجزئية والتفريعات والأبواب والفصول ، كما صرح بهذه الحقيقة الدجيلي فيما نقلناه عنه سابقا (٤٩) ، وهذه الحقيقة يقربها أحمد أمين في بداية كتابه «ضحى الإسلام» فهو يقول حول العصر الإسلامي الأول : «ورأينا المسائل تبحث بنظر أدق» (٥٠) ، وهو يعترف بالتفاوت الفكري بين الإنسان الجاهلي والإسلامي ، ويعترف بانتقال العلوم النقلية ـ من علوم دينية ولغوية ـ إلى العصر العباسي ، أي أنها كانت موجودة ولو بصورة بدائية ، أي بشكل «مسائل جزئية مبعثرة» (٥١) ، وهو يعترف «بأن هناك عوامل شخصية أثرت في العلم لو لم تحدث لأخرت مسير العلم بعض الزمن» (٥٢) ويقصد من ذلك الحاجة ، ونفسرها نحن بالحاجة الدينية. إذا فكل هذه الأسباب والدوافع والمسائل يعترف بها أحمد أمين ، ثم ينكر وجود النحو ولو بصورته البدائية التي استدعت ظهوره الحاجة الملحة ، والتي كانت ـ تلك الصورة البدائية ـ على شكل كليات ومسائل عامة ، وربما غائمة في بعض مسائلها وليست عميقة الفكرة وليس داخلها أبواب وفصول وتفريعات كما نراها اليوم.
وعندما نقول بالصورة البدائية فإننا نعني تلك المجالات التي استدعت وجودها الحاجة ، فوضع أبو الأسود بعض المسائل والأبواب النحوية بعد ما رأى أن
__________________
(٤٩) مقدمة ديوان أبي الأسود : ٦٦.
(٥٠) ضحى الإسلام ٢ / ...
(٥١) ضحى الإسلام ٢ / ...
(٥٢) ضحى الإسلام ٢ / ...