وقال الحافظ : أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي يدلس في حديث جابر ، فما كان يصفه بالعنعنة لا يقبل ، وقد ذكر ابن حزم وعبد الحق عن الليث بن سعد أنه قال لأبي الزبير : علم لي أحاديث سمعتها من جابر حتى أسمعها منك ، فعلم لي أحاديث أظن أنها سبعة عشر حديثا فسمعتها منه ، قال الحافظ ، فما كان من طريق الليث عن أبي الزبير عن جابر صحيح.
وقد روى مسلم في كتابه أيضا عن جابر وابن عمر في حجة الوداع : إن النبي [صلىاللهعليهوآله] توجه إلى مكة يوم النحر ، وطاف طواف الإفاضة ، ثم رجع فصلى الظهر بمنى ، فينحنقون ويقولون : أعادها لبيان الجواز ، وغير ذلك من التأويلات ، ولهذا قال ابن حزم في هاتين الروايتين : إحداهما كذب بلا شك.
وروى مسلم أيضا حديث الإسراء وفيه : (وذلك قبل أن يوحى إليه) وقد تكلم الحفاظ في هذه اللفظة وبينوا ضعفها.
وروى مسلم أيضا : (خلق الله التربة يوم السبت) ، واتفق الناس على أن يوم السبت لم يقع فيه خلق.
وروى مسلم عن أبي سفيان أنه قال للنبي [صلىاللهعليهوآله] لما أسلم : يا رسول الله أعطني ثلاثا : تزوج ابنتي أم حبيبة ، وابني معاوية اجعله كاتبا ، وأمرني أن أقاتل الكفار كما قاتلت المسلمين ، فأعطاه النبي [صلىاللهعليهوآله] ، والحديث معروف مشهور. وفي هذا من الوهم ما لا يخفى ، فأم حبيبة تزوجها رسول الله [صلىاللهعليهوآله] وهي بالحبشة وأصدقها النجاشي عن النبي [صلىاللهعليهوآله] أربعمائة دينار ، وحضر وخطب وأطعم ، والقصة مشهورة. وأبو سفيان إنما أسلم عام الفتح وبين الهجرة إلى الحبشة والفتح عدة سنين ، ومعاوية كان كاتبا للنبي [صلىاللهعليهوآله] من قبل ، وأما إمارة أبي سفيان فقد قال الحافظ : إنهم لا يعرفونها.
فيجيبون على سبيل التحنق بأجوبة غير طائلة ، فيقولون في نكاح ابنته : اعتقد أن نكاحها بغير إذنه لا يجوز وهو حديث عهد بكفر ، فأراد من النبي