الفقهاء) على أساس أن المأثور عن أقطاب المذهب وفقهائه ـ أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد بن الحسن ـ : هي كتب الفقه فقط ، وكانت هذه الكتب تضم المسائل التي تعرض لهم فيحكمون فيها ، وقد يختلفون فيما بينهم فيحتج كل منهم لرأيه ، ومن هذه الحجج استنتج فقهاء المذهب ـ بعد ذلك ـ الأصول التي كان الفقهاء الثلاثة يبنون أحكامهم عليها ، ولذلك تجد أصول الفقه عند الأحناف كثيرة الاستشهاد بفروع المذهب الفقهية.
أصول النحو ليست نظرية ولا وصفية :
من خلال هذه التفسيرين نستطيع أن نقوم (أصول النحو) التي جاءت متأخرة عن النحو ، لنجد أنها ليست تأسيسية نظرية ، وليست وصفية تاريخية ، وإنما هي عمل تقليدي صرف لأصول علم آخر ، يبعد كثيرا بطبيعته ومصادر أحكامه عن علم النحو.
أ ـ أما أنها ليست تأسيسية نظرية فلسببين :
١ ـ أن بناة هذه الأصول لم يعملوا عمل الشافعي ، فيغيروا من مناهج النحو ومسائله ومصادر أحكامه التي كانت قائمة في مدرستي الكوفة والبصرة النحويتين ـ كما فعل الشافعي مع أصول مدرستي الكوفة والمدينة الفقهيتين ـ فيقدموا لنا (نحوا جديدا) على غرار فقه الشافعي وجدة مناهجه ، بل إن كل ما أحدثوه أنهم عمدوا إلى تلك المسائل والأحكام السابقة ، فبحثوا في عللها وأسبابها ، وتجادلوا في ذلك ثم طال بهم الجدل ، حتى انتقلوا من علة الحكم إلى علة العلة ، وعلة علة العلة ، التي سميت أحيانا بالعلل الأول ، والعلل الثواني ، والعلل الثوالث ، وأحيانا ب : العلل التعليمية ، والعلل القياسية ، والعلل الجدلية (٢٠).
__________________
(٢٠) المصطلح الأول لابن مضاء في (الرد على النحاة) : ١٠٢ ، والثاني للزجاجي في (الإيضاح) :