إجماعا (٥٢). كذلك هم لا يقيسون الأصل على الفرع ، للسبب نفسه ، ولا الفرع على الفرع ـ إلا ما قيل عن بعضهم ـ لما فيه من التشريع الباطل ، لأنه من دون مستند.
وهذه اللوازم كلها لا تتنافى عند هؤلاء النحاة لذلك نراهم يحملون : الفرع على الأصل ، والأصل على الفرع ، كما يحملون الأصل على الأصل ، والفرع على الفرع ، وقد ذكر السيوطي لذلك أربعة أنواع :
١ ـ حمل فرع على أصل ، كإعلال الجمع لإعلال المفرد ، مثل (قيمة ، وقيم) أو تصحيحه لصحته مثل : (ثور وثورة).
٢ ـ حمل أصل على فرع ، كإعلال المصدر لإعلال فعله : (قام قياما) أو تصحيحه لصحة فعله : (قاوم قواما).
٣ ـ حمل النظير على نظيره ، كما منعوا (أفعل التفضيل) من رفع الظاهر لشبهه ب (أفعل التعجب) ، وأجازوا تصغير (أفعل التعجب) حملا على اسم التفضيل.
٤ ـ حمل ضد على ضد ، ومن أمثلته النصب ب (لم) حملا على الجزم ب (لن) ، أولهما لنفي الماضي ، والثاني لنفي المستقبل (٥٣).
وأنت تعلم أنهم في هذا كله في غنى عن القياس ، لأن الأصل والفرع قد ورد به السماع من العرب في كل هذه الأمثلة ، فلماذا القياس؟
على أن هذه الأنواع الأربعة ـ من وجهة فنية ـ نوع واحد ، لأنها كلها في المصطلح القياسي من باب (حمل الأصل على الأصل) ولعل الذي أشبه السيوطي فيها كلمتا (الفرع) و (الأصل) فهما تردان في باب القياس بمعنى المقيس والمقيس عليه ، وفي باب الاشتقاق بمعنى المشتق والمشتق منه ، وكون المصدر (أصل) الاشتقاق والفعل (فرعه) عند البصريين ، وكون المفرد (أصل)
__________________
(٥٢) أنظر : التقرير ـ لابن أمير الحاج ، من علماء الحنفية ـ ٣ / ١٤٠.
(٥٣) الاقتراح ـ للسيوطي ـ : ٤٦ فما بعدها.