(هل يقول أحد (الصويق) يعني (السويق)؟ قال : نعم ، عمرو بن تميم تقولها ـ ثم أردف : وما تريد إلى هذا ، عليك بباب من النحو يطرد وينقاس) (٤٩) و (الشبه) و (الطرد) ـ ويتبعه الدوران لأنه طرد وعكس ـ هي المسالك المعقولة للقياس النحوي.
وأما المناسبة ، وهي الملائمة بين العلة والحكم ، فإننا إذا أخذنا المثال الذي ضربه النحاة لها ، فلا نجدها تفيد النحوي في قياس غير المنقول على المنقول ، وهذا المثال هو ما ضربه ابن الأنباري ونقله عنه السيوطي ، في رفع ما لم يسم فاعله ، فقال : (اسم أسند الفعل إليه ، مقدما عليه ، فوجب أن يكون مرفوعا ، قياسا على الفاعل ، فالفاعل : أصل مقيس عليه ، ونائبه : فرع مقيس ، والحكم : الرفع ، والعلة الجامعة : الإسناد) (٥٠).
وهذه العلة مناسبة فعلا ، ولكن القياس حينئذ هدر ، لا فائدة منه ، لأنه لم يكن أكثر من توجيه لكلام العرب ، ولا يفيدنا في القياس على كلامهم ، فكلاهما ـ المقيس والمقيس عليه ـ عرف بالنقل لا بالقياس ، ولا حاجة حينئذ للعملية القياسية ، وكثير من علل النحاة المتأخرين ـ وبخاصة الأنباري والسيوطي ـ كذلك ، فهم لا يذكرونها لتفيد في قياس غير المنقول على المنقول ، وإنما ليجدوا مثالا للعلة القياسية عند الفقهاء (٥١).
٤ ـ أركان القياس :
وفي أركان القياس نجد الأصوليين لا يقيسون (الأصل) على أصل آخر ، لأنه إذا جعلنا أحدهما مقيسا والآخر مقيسا عليه ، فإن ظهر حكم الفرع ـ بنتيجة القياس ـ موافقا لحكم الأصل ، بطلت فائدة القياس ، لأن الحكم في كل منهما معلوم بالنص ، وإن ظهر مخالفا فقد أبطلنا النص الوارد في الفرع بالقياس وهو منفي
__________________
(٤٩) طبقات الشعراء ـ لابن سلام ـ : ١٥.
(٥٠) الاقتراح : ٤٧.
(٥١) أنظر : الاقتراح : ٥٦ وما بعدها.