كل من المصرين.
٢ ـ لعدم الحاجة لهذا النوع من الاجماع ، وذلك لأن أساس الأحكام النحوية هو السماع من العرب ، والسماع ، عندهم ، يكفي أن تمثله القبلية والقبيلتان ، بل والشاهد والشاهدان ، فلم الاجماع أذن؟ ولم نجد نحويا اشترط (للسماع) أن تجمع عليه العرب ، فإذا قال سيبويه مثلا عن الفعل المضاعف مثل (وددت) أنه : (إذا تحرك الحرف الأخير فالعرب مجمعون على الادغام) (٦٤) ، أو قال في المفرد المنادى : (كل العرب ترفعه بغير تنوين) (٦٥) ، أو قال : (وليس من العرب إلا وهو يقول (تنبأ) مسيلمة) (٦٦) ، وأمثال ذلك ، فليس معناه : أنه يحتج بالإجماع باعتباره دليلا مستقلا عن السماع ، بل إنه يريد أن ينفي عن السماع الذي احتج به الندرة أو الشذوذ ، إلى حد أن العرب كلها تنطق به.
تماما كما لو قال الفقيه مستدلا بحديث ما : (أجمعت (الصحاح) على نقله) أو (المحدثون قاطبة يروون ذلك) ، أو (لا أحد منهم إلا ويروي ذلك) وليس معنى هذه العبارات أنه يستدل ب (الاجماع) ، بل بالنص المستفيض.
ب ـ إجماع البلدين :
والبلدان هما : البصرة والكوفة ، وأول من بحث في هذا النوع من الاجماع ، أبو الفتح عثمان بن جني في الخصائص ، قال : (اعلم أن إجماع أهل البلدين إنما يكون حجة ، إذا أعطاك خصمك يده : ألا يخالف المنصوص ، والمقيس على المنصوص ، فأما إن لم يعط يده بذلك ، فلا يكون إجماعهم حجة عليه) (٦٧).
معنى ذلك أن ترتيب الأدلة ـ من حيث حجيتها ـ عند ابن جني : النص أولا ، ثم القياس على النص ، ثم الاجماع ، وقد كان ترتيبها عند الأصوليين ، أن يقع
__________________
(٦٤) الكتاب ـ لسيبويه ـ ٢ / ١٥٨.
(٦٥) الكتاب ـ لسيبويه ـ ١ / ٣٠٤.
(٦٦) الكتاب ـ لسيبويه ـ ٢ / ١٢٦.
(٦٧) الخصائص ١ / ١٨٩.