بالاستصحاب ، وليس هو حجة على إثبات أمر لم يقم دليل على ثبوته) (٩١).
ولكن الأنباري والسيوطي ـ وهما شافعيان ـ أثبتا الاستصحاب وأنكرا الاستحسان ، ولك أن تقدر بعد ذلك ، أكانت هذه الأصول النحوية قائمة على تتبع مناهج النحو الكوفي والبصري لمعرفة أدلتهما؟ أم على تقليد مناهج الفقه الحنفي والشافعي لتطبيق أصولهما؟
ومهما يكن من أمر ، فإن الأصوليين وإن اختلفوا في تعريف الاستصحاب وحجيته ، إلا أنهم اتفقوا على أنه : (استفعال مأخوذ من الصحبة ، وهي استدامة إثبات ما كان ثابتا ، أو نفي ما كان منفيا) (٩٢).
وأوجز تعريفاته أنه : (إبقاء ما كان) أو (الحكم ببقاء أمر شك في بقائه) (٩٣).
والظاهر أن الاستصحاب عندهم يستند إلى قاعدة قد تكون مسلمة عند العقلاء هي : (عدم نقض اليقين بالشك) تؤيدهما روايات كثيرة (٩٤) لذلك قال ابن القيم في توجيه بعض أمثلته : (ولما كان الأصل بقاء الصلاة في ذمته أمر الشاك أن يبني على اليقين ويطرح الشك) (٩٥).
يؤخذ من ذلك أن أهم أركانه ، أو العناصر التي تضبط عملية استصحاب الحال هي :
١ ـ اليقين السابق ، وهو العلم بواقع الحال السابقة للشئ.
٢ ـ الشك اللاحق ، وهو ـ عندهم ـ أعم من الشك المنطقي ـ أي تساوي الاحتمالين ـ والظن ، والوهم.
٣ ـ فعلية اليقين والشك ، ويعنون بذلك : أن اليقين السابق ما يزال قائما بالنفس في ظرف وجود الشك اللاحق ، أي أن ما حصل من شك متأخر
__________________
(٩١) سلم الوصول ـ للشيخ عمر عبد الله ـ : ٣٠٧.
(٩٢) أعلام الموقعين ١ / ٣٣٩.
(٩٣) أنظر : فرائد الأصول ـ للشيخ الأنصاري ـ : ٣٢٩ وما بعدها ، وأعلام الموقعين ١ / ٣٣٩ وما بعدها.
(٩٤) أنظر : فرائد الأصول ـ للشيخ الأنصاري ـ : ٣٢٩ وما بعدها ، وأعلام الموقعين ١ / ٣٣٩ وما بعدها.
(٩٥) أعلام الموقعين ١ / ٣٤٠.