ب ـ صفين والفتنة :
١ ـ فثار أهل الشام في سواد الليل ينادون (عن قول معاوية وأمره) : يا أهل العراق ، من لذرارينا إن قتلتمونا ، ومن لذراريكم إذا قتلناكم ، الله الله في البقية ، وأصبحوا قد رفعوا المصاحف على رؤوس الرماح ... ومصحف دمشق الأعظم يحمله عشرة رجال على رؤوس الرماح وهم ينادون : كتاب الله بيننا وبينكم ...
فقال علي عليهالسلام : يا أيها الناس ، إني أحق من أجاب إلى كتاب الله ، ولكن معاوية وعمرو بن العاص وابن أبي معيط وابن أبي سرح وابن مسلمة ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن ...
فجاءه من أصحابه زهاء عشرين ألفا مقنعين في الحديد ، شاكي السلاح ، سيوفهم على عواتقهم ، وقد اسودت جباههم من السجود ، يتقدمهم مسعر بن مذكي وزيد بن حصين وعصابة من القراء الذين صاروا خوارج من بعد ، فنادوه باسمه لا بإمرة المؤمنين : يا علي ، أجب القوم إلى كتاب الله إذ دعيت إليه وإلا قتلناك (٢٠).
٢ ـ إن عليا عليهالسلام لما دخل الكوفة ودخلها معه كثير من الخوارج ، وتخلف منهم بالنخيلة وغيرها خلق كثير لم يدخلوها ، فدخل حرقوص بن زهير السعدي وزرعة بن البرج الطائي ـ وهما من رؤوس الخوارج ـ على علي عليهالسلام فقال له ـ حرقوص : تب من خطيئتك واخرج بنا إلى معاوية نجاهده! فقال له علي عليهالسلام : إني كنت نهيتكم عن الحكومة فأبيتم ، ثم الآن تجعلونها ذنبا ...!؟ أما إنها ليست بمعصية ، ولكنها عجز من الرأي ، وضعف عن التدبير ، وقد نهيتكم عنه ، فقال زرعة : أما والله لئن لم تتب من تحكيمك لأقتلنك (٢١).
__________________
(٢٠) شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ٢ / ٢١٧.
(٢١) شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد المعتزلي ـ ٢ / ٢٦٨ ، ومثله في تاريخ الطبري ٥ / ٥٢ ، ولكنه أورد : قاتلتك ، وكذا في الكامل ٣ / ٣٣٤.