(٣)
نشوء الفرق الكلامية
واختلف المسلمون في تحديد المصادر الأساسية للتعاليم الإسلامية في مجال العقائد ، فكانوا فرقا ثلاثا :
١ ـ فرقة تقول بأن المصدر الوحيد هو النص الشرعي ، من الكتاب والسنة ، وأن المسائل الاعتقادية توقيفية ، فلا يتجاوزون ما ورد في النصوص موضوعا ، وتعبيرا ، ولا يتصدون لشرح ما ورد فيها أيضا ، ولا لتوضيحه أو تأويله ، ويلتزمون بعقد القلب على تلك الألفاظ بما لها من المعاني التي لم يفهموها ولم يدركوها (٧).
٢ ـ وفرقة تقول بأن المصدر هو النص ، لكن ما ورد فيه من ألفاظ وتعابير لا بد من حملها على ظواهرها المنقولة ، لا المعقولة ، والالتزام بها على أساس التسليم بما ورد النص بتفسيره ، وقد التزم بهذا من ليس له حظ من العلوم العقلية ، وهم «أصحاب الحديث» (٨).
٣ ـ وفرقة تقول بأن طريق المعرفة بالعقائد الحقة والمسائل الكلامية هو العقل ، إذ به يعرف الحق ، ويميز عن الباطل ، ولا منافاة بين الشرع والعقل في ذلك ، فالنص إنما يرشد إلى الحق الذي يدل عليه العقل ، ولو ورد ما ظاهره مناف لما قرره العقل ، فلا بد من تأويل ذلك الظاهر إلى ما يوافق العقل ويدركه (٩).
فالفرقة الأولى : تسمى من العامة ب «السلفية» وهم «المقلدة» من الشيعة.
والفرقة الثانية : تسمى من العامة ب «الأشاعرة» وهم «الأخبارية» من
__________________
(٧) لاحظ : تأريخ المذاهب الإسلامية ٢١٣.
(٨) تلبيس إبليس ـ لابن الجوزي ـ : ١١٦.
(٩) تاريخ المذاهب الإسلامية. ١٤٨ و ١٤٩.