فلما قربت منه أقبلت على عمرو بن عبيد أسائله ، وفاح مني ريح الحنوط فقال : يا سليمان ما هذه الرائحة؟! والله لتصدقني وإلا قتلتك! فقلت : يا أمير المؤمنين ، أتاني رسولك في جوف الليل فقلت في نفسي : ما بعث إلي أمير المؤمنين في هذه الساعة إلا ليسألني عن فضائل علي ، فإن أخبرته قتلني! فكتبت وصيتي ولبست كفني وتحنطت.
فاستوى جالسا وهو يقول : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ثم قال : أتدري يا سليمان ما أسمي؟
قلت : عبد الله الطويل ابن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب.
قال : صدقت ، فأخبرني بالله وبقرابتي من رسول الله صلىاللهعليهوآله ، كم رويت في علي من فضيلة ، من جميع الفقهاء كم يكون؟
قلت : يسير يا أمير المؤمنين!
قال : على ذاك.
قلت : عشرة آلاف حديث وما زاد.
قال : فقال : يا سليمان ، لأحدثنك في فضائل علي حديثين يأكلان كل حديث رويته عن جميع الفقهاء! فإن حلفت لي أن لا ترويهما لأحد من الشيعة حدثتك بهما!
قلت : لا أحلف ولا أخبر بهما أحدا منهم.
فقال : كنت هاربا من بني مروان ، وكنت أدور البلدان أتقرب إلى الناس بحب علي وفضائله وكانوا يؤونني ويطعمونني ...) (٤).
__________________
(٤) الحديث طويل لا يحتمله المقام ، فمن أراده فليراجع مناقبي ابن المغازلي والخوارزمي المطبوعين غير مرة.