فقد حفظوا الآثار والمعارف الإسلامية طول القرون والأعصار حتى وصلت إلينا وهي كيومها الأوّل وزمان بلاغها أقوم المعارف الحقيقة والإلهية وأتقنها.
هذا وفي زماننا ، ومن عهد قريب ، افتتن المسلمون بالفلسفة المادية العلمانية الحديثة ، ومال إليها طائفة من المفتونين بالتمدن المادي العلماني الغربي أو الإلحادي الشرقي ، فآمنت فئة بالأول وشرذمة بالثاني ، وكان وراء هذا الميل أيضا السياسات الاستكبارية الشرقية والغربية ، فزيّنت بلسان عملائها ما حصل لغير المسلمين من الرقيّ الصناعي والتقدم التكنيكي ، فظن بعضهم أنّ ذلك معلول لمبادئهم العلمانية ، فأخذوا في ترويج الحضارات المادية والمبادئ الماركسية وتشجيع الشباب على رفض الآداب الإسلامية ، وعمد عدد من الذين يعدّون أنفسهم من أهل الثقافة والتنوّر الفكري ، ومن الذين كل ثقافتهم وتنوّرهم ليست إلا الخضوع المفرط أمام المدينة المادية وتوهين المبادئ الفكرية الإسلامية ، عمدوا الى تفسير اصول الإسلام ومناهجه على الأصول المادية حتى الماركسية الملحدة.
وبالجملة فقد قلب هؤلاء المتسمّون بالمتنوّرين الامور في الإدارة والسياسة والاقتصاد والتربية والفنّ وغيرها ظهرا لبطن ، وكان بلاؤهم وفتنهم وما يروّجون من الضلالات باسم الثقافة بلاء عظيما.
الا أن الاسلام بأحكامه البناءة الالهية قام في كل عصر وزمان في وجه الضلالات بكل أساليبها ، وما زال يسجل انتصاراته في هذه المعارك الايديولوجية.
فكتابه العظيم كما كان في عصر نزوله يهدي للتي هي أقوم ، فكذلك هو في بعده وفي كل العصور والقرون الى قرننا الخامس عشر هذا ، وبعده الى آخر الدهر ... يهدي للتي هى أقوم ، فهو دين الهي ووحي سماوي ، جاء للبشرية كلها في كل عصورها الى أن يرث الله الأرض ومن عليها .. دين جاء للبقاء والخلود ، لهداية