وأخرج السيوطي في تاريخ الخلفاء عن مسند أحمد حديث : «ليكوننّ في هذه الأمّة رجل يقال له الوليد ، لهو أشدّ على هذه الأمّة من فرعون لقومه» (١) فالصواب تسمية هؤلاء بالفراعنة لا الخلفاء وتشبيههم بالملاحدة والكفرة لا بحواري عيسى ونقباء بني إسرائيل.
وإن شئنا لأشبعنا الكلام في مساوئ بني اميّة ، ولكن نقتصر على ذلك مخافة الإطالة ، ونقول : كيف رضي القاضي أن يجعل هؤلاء الجبابرة من خلفاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، الذين بشّر بهم وأخبر بأنهم يعملون بالهدى وإذا مضوا ساخت الأرض بأهلها ، وأنّ الأمّة لا تهلك ما لم يمضوا ، وأنّهم بمنزلة نقباء بني إسرائيل.
وأعجب من ذلك إخراجه الحسن عليهالسلام من الحديث مع أنّه خليفة بنصّ جدّه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإدخاله يزيد ومعاوية وبني العاص الذين لعنهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في هذه الأحاديث.
ثمّ لما ذا لم يعدّ منهم عمر بن عبد العزيز؟.
وأمّا ما في كلامه من التشبّث بقوله في صحيح أبي داود : كلهم يجتمع عليه الأمّة! (٢). فضعيف لوجوه :
أحدها : أنّ الظاهر من نسبة فعل إلى أحد ، صدوره منه بالاختيار دون الجبر والاكراه ، فالمراد بقوله : «يجتمع» لو سلمنا صدوره عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، هو اجتماعهم بالقصد والاختيار. ألا ترى أنّه لا يصحّ لأحد أن يخبر عن وقوع اجتماع أهل مكّة والمدينة وعظماء الفقهاء ووجوه المحدّثين وبقية الصحابة وكبار التابعين على خلافة يزيد ، ويقول :
__________________
(١) ـ تاريخ الخلفاء : ص ٢٥١.
(٢) ـ تاريخ الخلفاء : ص ١٠.