١ ـ المدخل :
الكلام الإمامي نشأ أولاً وقبل كل شيء حول «الإِمامة» ودار عليها منذ نشأته الاولى وإلى عصرنا الحاضر ، والسرّ واضح ، فإنّ الإمامية انما افترقوا عن غيرهم لقولهم بالإِمامة من فرق المسلمين انما اختلف معهم أوّل ما اختلف ، لأنّه لم يَدِنْ بالإمامة الإِلهية كما دانوا. فمن الطبيعي أن هذا الاختلاف يستلزم المخاصمة ، والمخاصمة تستدعي المناظرة ، وإذا سلّمنا بأنّ أوّل اختلاف حدث بين المسلمين انما حدث حول الإِمامة ، وإذا اخذنا بنظر الاعتبار أنّ الذين انكروا الإِمامة الإِلهية كانوا الفئة الغالبة الحاكمة والذين دانوا بها كانوا الفئة المعارضة ، وأنّ المعارضة كانت كلامية وبالجدل والحجاج لا بالسيف والسلاح ـ وأنا هنا لا ابحث عن هذه النقاط وإنّما اذكرها كنتائج لبحوث انتهت اليها ، وقد فصلّتها في مناسبات اخرى ـ فعلى هذا كله يحقّ لنا أنْ نقول ان الكلام نشأ واستقرت طرقه ومناهجه عند الإمامية قبل غيرهم.
ولكن نقاط الخلاف قد تجاوزت الإمامية إلى غيرها وكلما امتد الزمن بالمسلمين كثرت نقاط الخلاف فيما بينهم ـ وتفرّقوا فرق وشيعاً ـ وهنا أذكر كنتيجة لبحوث كثيرة ـ : أنّ المسلمين ، لو كانوا قد دانوا كلّهم بالإمامة الإلهية ، وكان فيهم إمام يؤمنون بعصمته ويوجبون طاعته ، لما تفرّقوا ، كما كان الحال زمن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ولكان الخلاف بينهم خلافاً عملياً ، لا خلاف عقيدة واختلافاً في المذهب ، ولكن حدث ما حدث ، ولا نملك إلا أن نسأل الله سبحانه أن يعصم المسلمين من فرقة جديدة ، وأنْ يجنّبهم آثام الخلافات القائمة فيما بينهم واوزارها.
وهكذا واكب الكلام الإمامي ـ الذي كان يدور اولاً حول الإمامة ـ المسائل المختلف فيها والمتناقش عليها ، فشمل الجبر ، والتشبيه والتجسم ، بلوشمل الخلاف الفقهي ، كالخلاف في بعض أحكام الوضوء والصلاة ،