والخلاف في المتعة ، والطلاق ثلاثاً ، وسائر الخلافات الفقهية بين الإمامية وغيرهم ، والكلام إنما هو في اساسه اسلوب خاص للنظر والحجاج ، وفيما بعد استقرّ في دائرة المسائل الاعتقادية وحدها. وهذا ايضاً اترك البحث فيه الى مال آخر.
وتوسّع الكلام اكثر فاكثر عندما اتصل المسلمون بغيرهم من معتنقي الاديان كالمسيحية واليهودية أو منتحلي الفرق الفلسفية وغير الفلسفية. وأشير هنا إلى أننا نجد في ثبت مؤلفات المتكلم الإمامي الشهير هشام بن الحكم ـ كتباً له تتّصل بالفلسفة اليونانية وأعلامها.
وستأتي الاشارة الى هذا عند ذكره ، وبهذا يصحّ لنا أن نحكم بأنّ الإمامية كانوا اسبق من غيرهم في هذا المجال ايضاً ، لأنَّي لم أجد لغيره ممن كان يعاصره أنْ تناول ما تناوله هشام.
٢ ـ المدرستان غير الاماميتين : الحديثية والكلامية تختلفا إلى حد كبير :
لابُدّ لنا من البحث ولو بصورة مقتضية جدّاً عمّا يسمّى بمدرسة المحدِّثين غير الإماميّة ، إذ أنّ السِّمات العامّة التي يذكرونها لعقائد أهل الحديث والأَثر ، وعلى أساسها يقيسون آراءهم وعقائدهم بآراء غيرهم ، إنّما قد أُخذت من المدرسة غير الإماميّة ، والأَدلة والشواهد التي تذكر في هذا المجال إنّما تتوافر بصورة كاملة في مجموعة الأَحاديث التي يرويها المحدِّثون غير الإماميّة ، وعليها وحدها تُبتنى الآراء التي تَبَنَّوْها أو نُسبت إليهم.
ويضاف إلى هذا : أنّ التضادّ الفكري والعقائدي بين المدرستين الحديثية والكلامية ، وهؤلاء يومذاك كانوا المعتزلة ، والجهمية ، والمرجئة ، والّذين كانوا يسيرون في ركابهم ، إنّما انتزع هذا التضادّ والتقابل من الحديث غير الإمامي ، ومن آراء المحدِّثين غير الإماميّة ، ومواقفهم من آراء المتكلّمين ورَفْضهم لها وطَعْنهم في القائلين بها ، بل وفي طعنهم بالاتّجاه الكلامي بصورة