عامة في العقائد الدينية.
فليس من الصحيح أن تجعل تلك السمات العامة وأن يجعل هذا التضادّ والتقابل خصيصة عامة للاتّجاه الحديثي الذي يعتمد على الكتاب والسُّنَّة ، قبل كلّ شيء ، في استنباط العقائد الدينية وصياغتها ، سواء أكان المحدِّث إماميّاً أم غير إمامي.
وما يسمّى بالمدرسة الحديثية ـ والتعبير الأوفق لهم ، بل والمختار عندهم : أهل الحديث والأَثَر ـ ليست بمدرسة فكرية لها حدودها ومعالمها الواضحة من جميع الجهات ، أو من أغلبها ، كما هو الحال عند المعتزلة ، والجهمية ، مثلاً ، والذي بإمكان الباحث أن يعيّن ما اتّفقوا عليه ، وبه امتازوا عن غيرهم. بل وهذه التسمية أيضاً لحقتهم لا من جهة أنفسهم ، بل انتزعت من مواقفهم وآرائهم. وكلّ ما كان عندهم : أنّ الّذين كانوا يُعْنَون بالحديث لم يكونوا يتعدّون في بيان آرائهم وتصوير عقائدهم عمّا جاءهم من الأَحاديث التي آمنوا بصحّتها ، بل إنّهم كانوا يكتفون براوية ألفاظ الحديث غالباً للتعبير عن آرائهم ، ولم يكونوا يحوّلون ألفاظه إلى ما يؤدّي معناه.
والمحدِّثون ، لما ذكرناه ، لا يرجعون بالطبع إلى مستوى واحد ، بل إنّهم في مستويات مختلفة ، إذ أنّ أيّ واحد من المحدِّثين إنّما يقاس مدى الخلاف بينه وبين من يسمّونهم بالمتكلّمين بقدر ما يرويه هذا المحدِّث كمّيّةً وبقدر ما يلتزم بصحّته فيما يرويه. ومن الواضح أنّ المحدِّثين لا يتساوون في كمّيّة الأَحاديث التي يروونها ، وكمّيّة ما يؤمنون بصحّته ، بل يتفاوتون بين مقلّ ومكثر ، وبين متساهل في الحكم بالصحّة ، ومتشدِّد لا يصحّح إلاّ إذا توفّرت شروط كثيرة ، وعلى هذا الأَساس تختلف الأَحاديث بحسب ما اتّفقوا على روايته وما لم يَرْوِه إلاّ بعضهم ، وتختلف أيضاً بحسب ما اتّفقوا على صحّته وما اختلفوا فيه.
ويجب التنبّه إلى أنّ (المدرسة الأَشعرية) وإنْ قامت على أساس رفض الفكر الاعتزالي والرجوع إلى السُّنَّة ، إلاّ أنّ الدراسة الواعية والمستوعبة لها