العاص» (١).
وأصرح من ذلك قوله رحمه الله في أجوبة المسائل الحاجبية ; قال رحمه الله :
«وسأل فقال : الناس مختلفون في رقيّة وزينب ، هل كانتا ابنتَي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، أم ربيبتَيْه؟
فإن كانتا ابنتيه ، فكيف زوَّجهما من أبي العاص بن الربيع ، وعتبة بن أبي لهب ; وقد كان عندنا منذ أكمل الله عقله على الإيمان ووُلد مبعوثاً ، ولم يزل نبيّاً صلّى الله عليه.
وما باله ردَّ الناس عن فاطمة عليها السلام ، ولم يزوِّجها إلاّ بأمر الله عزَّ وجلَّ ، وزوَّج ابنتَيه بكافرَيْن على غير الإيمان؟!
والجواب :
إنّ زينب ورقيّة كانتا ابنتَي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، والمخالف لذلك شاذٌّ بخلافه.
فأمّا تزويجه لهما بكافرَيْن ، فإنّ ذلك كان قبل تحريم مناكحة الكفّار. وكان له أن يزوجهما من يراه. وقد كان لأبي العاص رغبة نسب برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم. وان لهما محلَّ عظيم إذ ذاك ، ولم يمنع شرع من العقد لهما; فيمتنع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من أجله.
فصـل :
وأمّا فاطمة ، فإنّ السبب الذي من أجله ردّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم خاطبيها حتى نزل أمر الوحي بتزيجها أمير المؤمنين عليه السلام; فلأنّها كانت سيّدة نساء العالمين ...» إلى آخره (٢).
__________________
(١) عدّة رسائل للشيخ المفيد : ٢٢٩ ـ المسائل السروية / المسألة العاشرة.
(٢) المسائل الحاجبية : ٧١ و ٧٢ ـ تحقيق مارتن ماكدرمت اليسوعي.