انّ باطلك اظهر».
ثم التفت الى قيس الماصر فقال : «تتكلّم واقرب ماتكون من الخبر عن رسول الله أبعد ما تكون منه ، تمزج الحقّ مع الباطل وقليل الحقّ يكفي عن كثير الباطل ، انت والأحول قفّازان (٥٨) حاذقان».
قال يونس : فظننت والله انّه يقول لهشام قريباً ممّا قال لهما.
ثم قال : يا هشام! «لا تكاد تقع ، تلوي رجليك اذا هممت بالارض طرت (٥٩) ، مثلك فليكلّم الناس ، فاتّق الزلة والشفاعة من ورائها ان شاء الله» (٦٠).
هذه المناظرة تصور لنا تصويراً بديعاً عن مناهج المناظرات في زمن الإمام الصادق عليه السلام ، فكل من اصحابه عليه السلام يأخذ بمنهج.
حمران بالمنهج الحديثي ، ويصوبّه الإمام عليه السلام.
هشام بن سالم ايضاً يريد نفس المنهج ، ولكن ا ينجح فيه.
الاحول وقيس الماصر يناظران بالمنهج القياسي ، والإمام لا يرضى به لبطان القياس وهشام بن الحكم هو الذي يصيب في منهج المناظرة ، فيتكلّ على البراهين العقلية ويعتمد على مقام الإمامة ، والإمام يرضاه له ويأمره بالمناظرة دون الباقين.
فتحصل شرطان أساسيان للمناظرة :
الاول : المنهج الصحيح ، سواء كان المنهج الحديثي او كان المنهج العقلي الحديثي.
__________________
(٥٨) بالقاف والفاء المشدّدة والزاء من القفز ، وهو الوثوب ، وفي بعض النسخ : «قفاران» «بالراء المهملة» من القفر ، وهو المتابعة والاقفاء ، وفي بعضها بتقديم الفاء على القاف «فقاران» من فقرت البئر اي حفرته «المرآة».
(٥٩) اي انّك كلّما قربت من الارض وخفت الوقوع عليها لويت رجليك كما هو شأن الطير عند ارادة الطيران ثم طرت ولم تقع «المرآة».
(٦٠) الكافي ١ : ١٧١ ـ ١٧٤.