الثاني : توفّر الاوصاف العلمية اللازمة للمناظرة.
وبعد هذا يسهل علينا تفسير الروايات المنانعة عن المناظرة وتبيين مفادها.
فنقول : وردت روايات كثيرة في ذم المناظرة عن ائمة اهل البيت عليهم السلام ، فحصل تصوّر لدى البعض انّ المناظرة كانت على خلاف اصول الإمامية ـ لا للمعتزلة والحشوية فحسب ـ كما اشار الى ذلك الشيخ الطبرسي في مقدمة الاحتجاج.
والتدقيق في هذه الروايات يدلّ على انّ النهي فيها لم يكن مطلقاً بل لجهات خاصة ، وقد استفدنا من الروايات عدة جهات للنهي هي :
١ ـ الجدال لغير الصالح الذي يتوفر له الشروط العلمية والموضوعية للمناظرة :
إن للمناظرة شروطاً خاصة ، وصفات مخصوصة ، لا تفيد المناظرة الاّ معها ، وبدونها لا تكون نافعة بل ضارةً ، ففي رواية عن جابر الجعفي قال سمعته يقول : «إنّ اناساً دخلوا على أبي رحمة الله عليه فذكروا له خصومتهم مع الناس ، فقال لهم : هل تعرفون كتاب الله ما كان فيه ناسخ او منسوخ؟
قالوا : لا.
فقال لهم : وما حملكم على الخصومة ، لعلكم تحلّون حراماً او تحرمون حلالاً ولا تدرون ، انّما يتكلّم في كتاب الله من يعرف حلال الله وحرامه. الخبر (٦١).
وقد ذمّ أبو عبد الله عليه السلام ـ في رواية ـ المماري في ما لا علم له به (٦٢).
__________________
(٦١) بحار الانوار للعلامة المجلسي ، دار الكتب الاسلامية ، طهران ، ١٣٦٢ هـ ش ، ٢ / ١٣٩ ح ٥٩ ، والمعارف.
(٦٢) الخصال ، الشيخ الصدوق ، تصحيح علي اكبر الغفاري ، مؤسسة النشر الاسلامي ، قم ، ١٤٠٣ ، ص ٤٠٩ ح ٩ ، البحار ٢ / ١٢٩ ح ١٢.